مواضع الإبتكار العشر

ارتبط الإبتكار باستحداث منتج او خدمة جديدة، لكنه أوسع من حصره بتلك النقطتين. طوّرت دوبلن نموذج لمواضع الابتكار العشرة في المنشأة. ففي قلب أي تخصص مستحدث هناك هيكل نظامي يُحوكم ما نجح من عمليات وما فشل منها. تم إكتشاف نموذج مواضع الابتكار عام ١٩٩٨م وهو أداة بسيطة لتشخيص أو إثراء الإبتكار الذي تعمل عليه، او لتحليل منافسة متواجدة. يسهّل النموذج ملاحظة الأخطاء والنواقص اللازم توفرها لجعل فكرتك قوية.

رُتب النموذج بثلاثة أصناف لونية. من اليمين يبدأ بالمواضع الداخلية للمنشأة التي لا يعيها المستخدم/الزبون وكلما اتجهت يساراً تبدأ المواضع بالظهور للمستخدم النهائي. ولتشبيه مسرحي يعتبر الجزء اليمين “الكواليس” بينما اليسار “عتبة” المسرح.

نموذج مواضع الابتكار الذي اوجدته دوبلن

تستخدم الابتكارات البسيطة موضع إلى موضعين فقط. وكل منشأة تحتاج متابعة المواضع المستخدمة، ويعد تحسين الظاهر للمستخدمين من المنشأة باستمرار أحد أكثر الطرق المؤدية للفشل. تكتفي الكثير من الشركات اليوم بالابتكار البسيط بين منافسيها، لكن الواقع أن الابتكارات البسيطة لا تكتفي لنجاح المنشأة على المدى البعيد. حيث يمكنهم الاستفادة من المنافسين لكنها لا تكون منشآت، شركات أو هويات محط عين الاهتمام.

عندما يكبر السوق ويزداد التعقيد، يتطلب المزيد من الابتكارات المتطورة والتي تستخدم العديد من مواضع الإبتكار مجتمعة بشكل أنيق ومنسق بعناية. خلف الكواليس/ داخل المنشأة، يجلب العمل على عدة مواضع للابتكار تحديات وتعقيدات بالعمل داخل حدود منشأتك. هذه التحديات والتعقيدات يمكن اختراقها مع فرق متعددة التخصصات لجلب المواهب والمعرفة اللازمة.

بطبيعة الحال، تعتبر الابتكارات المتطورة أكثر صعوبة في الظهور، كونها تعمل على خطط تطويرية بعيدة المدى أكثر من الابتكارات البسيطة. ضع في عين اعتبارك الجانب الآخر: بمجرد إطلاق منشأتك ذات الابتكارات المتعددة، ستسعد عملاؤك وتربِك المنافسين. غالباً ما، ستكون قادراً على النجاح معهم لسنوات قبل أن يتمكن المنافسون من اللحاق بك. تستخدم جميع المؤسسات التي تُعرّف بالابتكارية مواضع مدروسة متعددة من الابتكار وتتفوق بسهولة على المنشآت المتوسطة المبدعة بسذاجة.

المبادئ الستة التي يجب وضعها في عين الاعتبار قبل الشروع بالعمل على مواضع الابتكار

وأخيراً، قبل الشروع بالعمل على مواضع الابتكار هناك ستة مبادئ يجب وضعها في عين الاعتبار تم توضيحها في الصورة أعلاه، شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

سرد البحث التصميمي

يختلف البحث في مجال التصميم، كما تم شرحه في المقالات السابقة، عن البحوث العلمية. حيث يبدأ بالاحتكاك مع المستخدمين، استخراج وتعرف على مشاكل تعاني منها الفئة المستهدفة، صنع نماذج العمل الأولية واختبارها، ثم تأتي عملية قياس الأثر.

لنفترض أننا على وشك الشروع بطبخ طبق مميز، تعد مرحلة استجماعك للمقادير -لضمان شمولية بحثك لجميع عناصر السرد- على اسئلة تُقسم إلى ٣ محاور أساسية:

  • المحفزات: ماهي الاحتياجات، الرغبات ، المستهلكات والقيم الخاصة بالفئة المستهدفة؟
  • قابلية التنفيذ: ماهي الشكوك التي تحوم حول القوانين او التقنيات المتاحة؟
  • قابلية النمو: كيف يمكننا صنع نموذج العمل ودراسة الجدوى الخاصة بالسوق؟

بعد تحضيرنا للمقادير، ننتقل الآن للوصفة. هناك أسلوبين مختلفين للطبخ، يعتمد الأسلوب الأول على شرح العملية بسبعة نقاط حيث تبدأ بالمشكلة التي تحاول حلها، طريقة البحث المتخذة وكيف تم اتباعها، الاكتشافات/الاستنتاجات، فرضية الحل، اختبارك لفرضية الحل والنقاط المستفادة، التغييرات التي يجب اتخاذها بناءاً على ما تعلمت، سؤالك او طلبك للمستثمرين وفي حالة البحوث الأكاديمية تحول هذه المرحلة إلى التوصيات. ملاحظة: قد تتكرر فرضية الحل أكثر من مرة فهناك عدة بحوث تحتوي على فرضيات متعددة للحلول، عليك انتقاء الفرضيات التي تدعم فرضيتك الأخيرة.

أما الأسلوب الآخر فهو أكثر حرية، حيث يعتمد على ٣ نقاط أساسية، تبدأ باستعراض المشكلة الحالية (سواء للمستخدمين او المنظمة) مع تبرير مدى سوءها، ثم تقوم باستعراض حلك المقترح وارفاق دلالات على فعالية الحل واأخيراً تطلب التوصيات من المستمعين لسردك.

عند تحضيرك للسرد عليك اعتماد قائمة العناصر التي يجب أن يحتويها سردك، لضمان استيفاء عرضك وشموليته على كل ما تم عمله أثناء مرحلة البحث.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

حالة دراسية: التصميم بصوت المجتمع

يختلف التصميم المخصص لمجتمع ما عن لغة الجماليات الخاصة بك وهويتك -كمصمم- بممارساتك الإعتيادية. فمثل ما يحتاج المجتمع لنظرة طازجة بتصاميم تعبر عنهم، تحتاج تصاميمك التواصل مع طراز جمهورك المستهدف. إجمع عينات الألوان، أنواع الخطوط، وعناصر جمالية أخرى تصادفك في المجتمع المستهدف. استعرض المقتبسات، وتسجيلاتك الصوتية والمرئية لمقابلتك أعضاء الجمهور المستهدف.

يتطلب الاندماج مع مجتمع ما تصميم حل تفصيلي مخصص لهذا المجتمع. بالمقابل، إن كان مجتمع متنوع أكثر من المعتاد فإن منتجك النهائي سيكون نوعاً ما عمومي من الناحية البصرية كونه يخدم الأغلبية. ولا يهم الشكل النهائي بقدر أهميته تغيير سلوك الجمهور المستهدف أو إعطاء صوت له. ويحتاج الاندماج المجتمعي الاحترام الثقافي الخاص بهذا المجتمع حيث يكون منتجك النهائي أشبه بالمرآة للجمهور المصمم له.

تمركز إيجاد الصوت الحقيقي للجمهور المستهدف في مشروع مجلد المستخدم ١٪. فهناك ما يقارب ١.٦ مليون منظمة غير ربحية في الولايات المتحدة الأمريكية، يوفر العديد منها خدمات اجتماعية مهمة للمجتمعات المحتاجة. لكن، يعاني أغلب هذه المنظمات من كتابة وطلب التبرعات، وأغلبها لا تفكر ببناء تعاون استراتيجي مع المعماريين والمصممين لتقوية منظماتهم. تنظر المنظمات الغير ربحية للتصميم كمهنة تجميلية وذات رفاهية. وبالمقابل تقدم المكاتب التصميمية/المعمارية الخدمات التطوعية بأسلوب عفوي يخلو من التعاون الاستراتيجي.

يعتبر مشروع مجلد المستخدم ١٪ المقدم من ميندي ديزاين برنامجاً يصل بين المنظمات الغير ربحية التي تحتاج لخدمات تصميمية مع المعماريين الذين لديهم الرغبة بتخصيص ١٪ من ساعاتهم المدفوعة للأعمال التطوعية. ويهدف لتعليم المجال الغير ربحي للأثر الإيجابي الذي يجلبه التصميم على المنظمة من حيث الإيسام وإيصال الخدمات، ويوفر تدوين ذلك كخدمة تطوعية لمكاتب العمارة والتصميم بمنصة موثوقة ومسجلة. ويفتح المشروع الفرص لايصال الخدمات التصميمية لشتى المنظمات الغير ربحية في أنحاء الدولة.

بدأ المصمم العمل على المشروع عبر الخوض بمقابلات عديدة مع أعضاء المنظمات الغير ربحية واعضاء المكاتب/الاستوديوهات التصميمية. حيث قام بجمع المعلومات اللازمة لصياغة اللغة المتناسبة مع الجمهورين. واستغرق التصميم ٨ أشهر من صناعة الأفكار، كتابة، تصميم مجلد المستخدم ١٪، الذي يحتوي على مجلدين متلاصقين بمطوية واحدة. وخصص المجلد الأول للهيكل الإداري الخاص بالمنظمات الغير ربحية أما الآخر فهو للمصممين والمعماريين في مكاتبهم.

استهدف المجلد قيادة حملة نحو موقع إلكتروني باسم المستخدم ١٪، حيث يمكن جمع المعماريين مع مجموعات غير ربحية تحتاج لخدمات التصميم. أثبت المشروع التحدي الذي جلبه حيث فاز بمنحة سابي، فأيقن الجميع أن المشروع أكبر من ما تقدمه ميندي ديزاين بالعادة وهو تصميم المحتوى.

سابقاً كان عدد المكاتب المسجلة ما يعادل ٨٠ مؤسسة. وبعد ٦ أشهر من نشر المجلد زاد عدد التسجيل حتى وصل نحو ٥٠٠ مؤسسة، واستمرت الأرقام بالنمو.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

العملية الإبداعية

تتفق العمليات التكراريّة أجمع على وجود عدة مراحل مصفوفة في حلقة كونها قابلة للتكرار من جديد.قام هيو دبرلي بدراسة العمليات المتكررة أجمع هادفاً لإيجاد عناصر متحدة تميز هذه العمليات عن غيرها، فلاحظ كل من: الأسلوب العلمي، دورة الجودة، الأنظمة الذاتية، العمليات الطبية، العمليات التصميمية ودورة التفاعل.

حتى وجد أن اجمعها تقوم على ثلاثة مراحل أساسية (لاحظ، فكّر، اصنع). حيث تشمل الملاحظة مراقبة المحتوى المراد دراسته والناس، بصفاء ذهن عالي ومشاركة مفعمة بالحيوية والنشاط، وبانفتاح تام للاستماع والتعلم من ناس / ثقافات مختلفة. تبدأ الملاحظة بفتح حوار مع الآخرين. تبدأ الحديث كأنك عنصر من الخارج يرى ما بالداخل؛ تندمج شيئاً فشيئا؛ ثم تأخذ خطوة للخلف وتفكّر. أين نحن؟ من هنا؟ ماذا يقومون بفعله؟ (ماهو دوري؟) ماهو المهم هنا؟ لماذا؟

ويشمل التفكير الخبرة في الحوارات مع القيم الثابتة للباحث، فهم ما يرغبه الناس وطريقة تطور الثقافة الخاصة بهم وتدخلك برؤية الأنماط المتكررة وببناء الوعي. حيث يبدأ التفكير مع الذات مع الأخذ بعين الاعتبار التجربة والقيم الخاصة بالمفكّر. وتأطير الحالة بحيث يمكن مشاركتها مع الآخرين.

أما الصناعة، فتحتوي على الانخراط بالمحادثات مع الأدوات والمواد، البحث بشكل سريع ومتكرر والاستفادة من الأخطاء السابقة وأخيراً وضع رؤية مستقبلية وجعلها ملموسة وقابلة للشرح. تضم مرحلة الصناعة الحوار مع الذات وباستمرارها تتطور لتشمل الحوار مع الآخرين.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

كُن T

تدرّب أغلبنا على مجال/ مهارة محددة. لكن سوق العمل يتغير بشكل متسارع وهو بذلك يتطلب مهارات واسعة او معرفتك لتطويع مهاراتك بشكل أوسع والا خياراتك في العمل ستكون محدودة للغاية. يعتمد مجال تصميم الخدمات على أفراد متقاطعي الخبرات يعملون بشكل تعاوني، تم طرح نظرية حرف التي في مجال التصميم والابتكار من قبل آيديو (كيلي، ٢٠٠٠م). وتكمن الفكرة خلف هذا التشبيه لتصوير أن اغلب الأفراد يملكون خبرات عميقة في مجال محدد ومعرفة واسعة بعدة مجالات تمكنهم من التعامل مع ممارسيها. في المشاريع الاستراتيجية والابتكارية والعديد من مشاريع تصميم الخدمات، يعمل فريق متعدد التخصصات بشكل تعاوني على هذه المشاريع.

يبحث الفكر التوظيفي حالياً على الأشخاص ذوي الخبرة العميقة في مجال محدد وقدرتهم باستخدام هذه المعرفة في مجالات مختلفة. ويتكون نموذج حرف التي من تقاطع افقي يمثل اتساع الخبرة والمعرفة، بينما المحور العمودي يمثل عمق الخبرة والمعرفة. بالنسبة للمصممين، قد يكون تقاطع المحورين بتمثيل قدراتهم الواسعة في بناء التعاطف مع المستخدمين، فهم نموذج العمل وثقافته، إدارة الإنتاج والتواصل مع شركاء المشروع. ويكمن عمقهم في صياغة الفكرة التصميمية، صناعة الشكل، انتقاء الألوان، بناء الهيكل النظامي وصنع هرم المعلومات.

تطورت هذه النظرية لتشمل حرف إكس، حيث يتميز الممارسين ذوي حرف إكس بالعمق المعرفي والخبرة في مجالين مختلفين لكنها متقاطعين في سوق العمل. كأن يتميز مصمم جرافيكي بفهم واستيعاب عال للأرقام والمعلومات الإحصائية مما يؤهله ليكون مصمم معلومات متميّز. فقدرته على قراءة المعلومات وتحليلها تمكنه من إعادة صياغتها وسردها بأسلوب جذاب، وهي مهارة مطلوبة في عدة مجالات كالصحافة، السياسة والعلوم.

بغض النظر عن أي حرف يمثلك، تحليلك الشخصي لمهاراتك وقيمك وصنع خارطة ذهنية لها هو أمر بالغ الأهمية. شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

التفكير التصميمي وهياكل التنفيذ

تنحدر إطارات لانهائية للعمل تحت مظلة التفكير التصميمي، وقد يلتبس البعض العلاقة بين تلك الأطر العملية والتفكير التصميمي. في هذه المقالة سأحاول سرد بعض الأطر العملية التنفيذية والتفريق بينها وبين التفكير التصميمي.

كما ذكر في المقالات السابقة، يختلف مفهوم العمل على الفكر التصميمي عن عملية التصميم التقليدية حيث يقوم المصمم بالأخرى لبس قبعة الباحث لمدة أطول من المدة التي يقضيها في البحث أثناء عملية التصميم التقليدية. ومن أبرز صفات المرور بالتفكير التصميمي جهل المصمم للحل الذي سيصممه بعد قضاء مدة من سير العمل. لذا، يعد جهل المصمم أمراً أساسياً يجنّبه استخدام أطر مصممة لمجالات مخصصة بالتصميم -قبل الشروع بالعمل على الفكرة- مثل: (قابلية الاستخدام للمنتجات الرقمية، كفاءة الإضاءة الطبيعية في البيئة المشيّدة، قياس أثر الحملات التوعوية على الشبكات الاجتماعية).

رسم توضيحي من تحليل الكاتبة يوضح العلاقات بين هياكل العمل المذكورة

لننتقل نحو المثال الكاريكاتوري، لو تخيلنا ان التفكير التصميمي هو “الطبخ” فإن أطر العمل المتوفرة على منصات الكثير من المنظمات سواء (قوقل، آيديو … وغيرها) هي بمثابة الوصفات فقد تكون وصفة قوقل هي عجة البيض، ووصفات آيديو بمثابة السلطات وهكذا. العديد من هذه الوصفات صنعت لتسهيل عملية قياس الكفاءة للمستجدين على مبدأ التفكير التصميمي. وهنا بعض الوصفات التي تخدم مراحل متأخرة من مراحل التفكير التصميمي، بالأخص بعد صنع النموذج الأولي. ومن أمثلة الأطر العملية:

شخصياً، أرى وجود هذه الأطر يساعد المصممين على سرعة الإدارة والتنفيذ بعد تشرّبهم ثقافة التصميم المتمحور حول الإنسان، وبالأخص بعد تقديم نموذج العمل الخاص بتقديم المشروع = Business Model Canvas

لذا إن كنت رئيس في منظمة أو منشأة صغيرة تجنب طرح الأطر والهياكل المذكورة آنفاً قبل صناعة نموذج العمل. شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

كيف تسأل؟

تستبق عملية المقابلة تخطيطاً مختصراً قابلاً للتغيير، حيث يحدد الباحث الخط الزمني الخاص بالمشكلة. فلو طلب العميل تصميم عنصر محدد يقوم الباحث بأخذ خطوة للخلف ثم السؤال عن ماهية العناصر المشابهة التي كانت لدى العميل. بعدها، يطرح أسئلة تجعل العميل يحكي عن رؤيته للعنصر الذي سيحصل عليه بالمستقبل وكيف سيرتقي من جودة حياته. إضافة للجواب، لا تنسى الانصات لنبرة الصوت ولغة الجسد. مثلاً: يرغب العميل بشراء سيارة، فيسأل الباحث عن سياراته السابقة ثم يجعل العميل يتخيل السيارة التي يطمح لها مستقبلاً.

يلي مرحلة التخطيط صياغة الأسئلة، حيث تبدأ بشكل عام ثم تنحصر في مجال المشكلة التي يرغب المصمم حلها. تهدف الأسئلة العامة معرفة الأسماء الأماكن العناصر، للسماع عن الأشخاص او الالتقاء بهم، لملاحظة الأنشطة والفعاليات ولمعرفة علاقة جميع ما ذكر ببعض. هناك ٤ أنواع من الأسئلة، الرؤية العامة، الجولة المخصصة، الجولة الإرشادية، والجولة المتعلقة بنشاط معين. توضح هذه الأنواع في الصورة أدناه حيث تبدأ من الأعلى بالرؤية العامة وتنتهي بالجولة المتعلقة بنشاط معين. ويراعي الباحث معرفة المصطلحات اللغوية التي يستخدمها المستخدم كونه خبيراً في مجاله، فكل مرة يطرح المقابل/المستخدم مصطلحاً معين يتأكد الباحث من أنه الاسم العلمي الصحيح وليست كلمة بسيطة استخدمها لمجاملته كونه خارج نطاق مجاله. وكباحث، حاول ان يسرد لك المقابل أمثلة لمواقف متعلقة بالشأن الذي تبحث عنه. وان استطعت التعمق بشكل أكبر، استمع أكثر واجعله يحكي تجربة فريدة. غالباً ما يصاحب التجربة الفريدة تغيراً ملحوظاً بلغة جسد السارد.

صورة من تحليل الكاتبة توضّح أنواع الأسئلة الأربعة

تعقب مرحلة التخطيط وصياغة السؤال أميز التقنيات التي يستخدمها الباحثون للتفريق بين الحاجة والرغبة، وهي تقنية تكرار “لماذا؟” خمس مرات: كرر سؤال لماذا عند كل مرة يقوم المستخدم بتبرير تصرفهم أثناء المقابلة. كل مرة تسأل ”لماذا؟“ ستجعل المقابل يعيد تقييم الموقف باحثاً عن سبب أعمق. في البداية، قد يعتبر الوضع غريباً عند تكرار كلمة ”لماذا؟“ لكن العملية ستجلب لك العديد من النتائج لسماحها لك بالتعمق نحو جذور المشكلة التي سببت هذا التصرف.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتيعبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

مقدمة في التفكير التصميمي

يعد التفكير التصميمي عملية، أسلوب فكري ومدخل لحل المشكلات المعقّدة ويسمى أيضاً بالتصميم المتمحور حول الإنسان. ويعرف أيضاً بالتصميم المتمحور حول الإنسان كونه مدخل إبداعي لحل المشاكل، وهو عملية تبدأ بالفئة المراد التصميم لها وتنتهي بحلول جديدة مفصّلة لحاجاتهم. ويتمركز التصميم المتمحور حول الإنسان على بناء التعاطف العميق بين المستخدم الأساسي لـ؛ تعدادية الأفكار، بناء نماذج أولية، مشاركة ما تم تصميمه مع الفئة المنتقاة وأخيراً نشر الحلول المبتكرة مع العالم.

يعتمد التفكير التصميمي على التعاطف وصنع العلاقة مابين الباحث/المصمم والفئة المستخدمة حيث تبدأ العملية بالمقابلة الشخصية التي تتمركز على استخراج معلومات أكبر قدر الإمكان. وهي بالضبط المقابلات الاثنوغرافية التي استخدمها الرحالة للتعرف على ثقافة ما. وتعتبر المقابلات الاثنوغرافية أداة للبحث عن معلومات ذات الجودة والتي تشمل أوصاف للناس، الأماكن، اللغات، الأحداث والمنتجات. وتجمع المعلومات عن طريق الملاحظة والترصد، المقابلات، الانصات والاندماج بفكر حيادي وغير محرّف. وهناك تمارين متعددة للتدرب على كيفية صياغة الأسئلة سأكتب عنها لاحقاً بإذن الله.

يلي المقابلات استعراض التسجيل وتصميم النشاط السلوكي لاستخراج دليل ملموس عن رغبة الفئة المنتقاة بشيء محدد كأن يشكو العميل من تجربة السباحة، فيصمم الباحث تجربة فريدة لتوثيق عملية السباحة كاملة من أجل معرفة العلة.

يعقب ذلك مرحلة تحليل المعلومات حيث أعتمد على الخطوات التالية لدراستها، ابدأ المقابلات بوضع سماعة أذن وتسجيل كل ما يقال على مستند رقمي وان كانت المقابلة في موقع العمل لا أفوت إلتقاط عدة صور من أجل التوثيق. ثم بعد البحث الثانوي، اقوم بقراءة المقابلات التي تمت كتابتها وتصنيف المعلومات كالآتي:حاجة / اقتراح / معلومة عامة / معلومة متكررة / نقطة مثيرة للاهتمام.

تذكّر.. هذه العملية ليست خطية، فيمكنك تحليل المعلومات وإيجاد النتائج لتصميم النشاط السلوكي او العكس

بعدها ابدأ بصنع الخارطة الذهنية لتحليل المعلومات ويعقب ذلك تصميم خارطة رحلة المستخدم توضح خارطة المستخدم منظور منظم بصورة بصرية لرحلة تجربته. حيث تقوم بسرد قصة تجربة المستخدم بالتفصيل من البداية وحتى الوصول للغاية. تقسم أحداثها بالترتيب الزمني وتشمل النتائج التي استخلصت من الخطوات السابقة (المقابلات، تحليل المعلومات، والنشاط السلوكي..)، وتشمل:

  • الغاية والأهداف.
  • حاجات المستخدم.
  • مقتبسات من المقابلات.
  • رسومات استدلالية لتعبر عن العواطف.
  • تحديات ومشاكل في الرحلة.
  • الأفكار

يلي ذلك ٣ مراحل (إيجاد الأفكار + صنع النماذج الأولية + اختبار الحل وقياس الكفاءة). هناك عدة كتب تحدثت عن التفكير التصميمي أحدهم متخصص بتصميم الخدمات وقام بطرح المنهجية بشكل شامل والآخر إثراء معرفي وقراءة خفيفة ماتعة.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

وقود الإبداع

يظن الكثير أن الابداع يأتي من طبخة سرية يخفيها المصمم او المعماري عن الجمهور حتى لا تنكشف، لكن الواقع أمر مختلف حيث يلتزم بعض المصممين بعناصر محددة (خطوط، ألوان، مواد، تقنيات، وغيرها) تعرض هوياتهم ليتم معرفة صانعها فور النظر إليها. ويظل الابداع العنصر المشترك في جميع أعمالهم. توفرت عدة مقالات وكتب تتحدث عن الوقود الابداعي، كتغيير أساليب التفكير التي عمل عليها والت ديزني وتمارين الابداع التي قام بطرحها إدوارد دي برونو في كتابه.

لغوياً، يعرف البدع بإتيان الشيء من اللاشيء، وهي صفة إلهية يعجز عن اكتسابها أي مخلوق في هذا الكون. ويتمثل الابداع باستخدام الخيال او الافكار الأصيلة لإنتاج أعمال فنية. فهو تمرين دائم للعقل ولذلك يتطلب ممارسته على الدوام. هناك عدة عناصر قمت بإدراجها من خبرتي المتواضعة للإتيان بأفكار إبداعية بدءاً بالتمرين الأحب وهو ممارسة التأمل (نباتات، علاقات، عمليات) غالباً ما تكون في مجال الطبيعة بدون أي تدخل إنساني. قنوات التأمل إما جولة في المكان، مشاهدة فلم وثائقي، استعراض صور او جولة في حديقة المنزل. يأتي بعدها قراءة نص “خاثر” وأعني بذلك ان النص قابل للتفسير لأكثر من معنى واحد كالقرآن، كتب الفلسفة، علم اجتماع وقد يتمثل بعمل تجريدي سواء لوحة، صورة أو فلم سينمائي. بعدها محاورة طفل من ٦-١٠ سنوات نظراً لنمو القدرات اللغوية لديه وبداية طرحه لتساؤلات تفتح آفاقه. بعد ذلك ألجأ لممارسة الألعاب التي تمرن العقل كالألغاز اللغوية والبصرية “التركيبة”. أذكر مشروعي في السنة الخامسة للترم الأول عجزت عن حل مخطط المعرض فاستعنت بأحلامي، قبل النوم وضعت دفتر وقلم على المنضدة جانب السرير وأغمضت عيناي حتى حلمت بالحل واستيقضت لرسمه !

وآخر مزودات الابداع التي لا احبذ استخدامها بكثرة هي الاستلهام من أعمال إنسانية خارج المجال كلوحة فنية لتصميم بناء معماري، مشاهدة مكونات طبق معين وتستلهم الألوان لتصميم قميص او محاولة رسم معزوفة موسيقية من مجرد سماعها.

مولّدات ومثبطات الإبداع من تحليل الكاتبة

كما تم طرح مولدات للإبداع تتواجد مثبطات له. تبدأ من عناصر داخلية لدى المصمم كالتردد بإطلاق الفكرة، ثم القلق من المجازفة بالفكرة وجهل تقنيات تنفيذها. وقد يؤدي ذلك لانعدام الثقة بالابداع الفطري الذي يمتلكه كل إنسان. وقد يقوم البعض بحصر تفكيره بمجال محدد. وأخيراً العمل في جو جاد للغاية كأن توزيع المكان والعناصر التي به لاتسمح لك بالتفكير بأسلوب ممتع أو قد تكون الادارة تجهل عملية التفكير الابداعي المتماشية مع التصميم فتلجأ بالتصرف مع مصمميها كموظفي الشركات التقليدية.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتيعبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

فهم القيم الشخصية للمصمم

يعتبر التصميم مولّداً للقيم، فهو يميز المنظمة عن مثيلاتها، ويبرز الشركات في السوق المزدحم. أيضاً يضيف التصميم المصداقية ويرعى ثقة وإخلاص المستهلك. ولترويج تقديمك للقيمة والأثر -كمصمم- عليك تلخيص مهاراتك وقدراتك وربطها مع النتائج بلغة مفهومة.

سأقوم بفعل كذا وكذا (ادخل قائمة خدماتك) وستكون النتائج (ادخل قائمة القيم المعنوية والقيم المحسوسة)

لكن قبل تقديمك هذا العرض لأحدهم، عليك تصوير قدراتك لايضاح ما تجيده، إضافة ما ينقصك او أين تحتاج المساعدة. عند تمكنك بتعريف نقاط القوة لديك بإمكانك تحديد نوعية الجمهور الذي بإمكانهم الاستفادة من هذه المهارات. إبدأ التمرين بصناعة قائمة تجيب هذا السؤال (ما هو الشيئ الذي أجيده للغاية؟) وابدأ بشكل عام مستدرجاً نحو التخصيص مستعيناً بالخرائط الذهنية، الصور والرسومات لصنع التصور الكامل لمهاراتك وتبيان العلاقات بين المهارات. قم بوضع صورة كبيرة او نواة للخارطة تحمل المهارات القوية وسط ركام المهارات وشاهد كيف تتفرع خارطتك الذهنية. بعدها قم بتكرار التمرين نفسه لإجابة (أين أحتاج المساعدة؟) واجب بمصداقية تامة عن ما تفتقر إليه او لا تمتاز به فهي ليست بالضرورة نقاط ضعف، ربما هي مجرد نشاطات تزاولها بأريحية لكنك لا تستمتع بها. او مهام تضيع وقتك.

مثال لتحويل قدرات المصمم الى خدمة وقيمة للمستفيد

أداة أخرى لتصوير العملية هي في الجدول أدناه، لترتيب أفكارك العشوائية بحدوده. وبعد إجابتك لهذه الأسئلة حاول الاستعانة بعين خارجية لتعطيك نصائح او تلفت نظرك نحو مهارة تجهلها عن ذاتك.

أداة تساعد المصمم بالتعرف على ذاته وإيجاد نقاط القوة / الضعف

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

سرد المشروع التصميمي

يبذل المصممون وطلاب التصميم وقتاً طويلاً أثناء العمل على مشاريعهم، حيث تعتاد عينهم على الأفكار والخطوط والعناصر التصميمية التي تم العمل عليها. وهذا قد يجعلهم عاجزين عن إيصال قصة المشروع للجمهور المحدد نظراً للتكرار او الاعتياد على المشروع بشكل عام، تعادل أهمية السرد الخاصة بالمشروع جودة المشروع نفسه فمن خلال الحكاية وتسلسل المعلومات يتسنى للمستمع استعراض جميع المراحل التي مر خلالها المصمم أثناء العملية التصميمية.

تتعدد أساليب الإلقاء لكن -من خبرتي المتواضعة- أرى ان هناك ترتيب واضح في سرد المشاريع بدءاً بـ:

ماهو المشروع؟

من هم المستخدمين؟

لماذا هذه الفكرة؟

كيف تم تطبيق هذه الفكرة بلغة التصميم؟

يترتب التسلسل أعلاه على التعريف بالمشروع بالإضافة للموقع المقترح والمخطط المعطى. بعدها يتم الحديث عن دراسة المستخدمين بدءاً بالتعريف عن الفئة المنتقاة، أسلوب الدراسة، النتائج المستخلصة مجسدة لهدف المشروع. بعد صياغة الهدف تبدأ الفكرة التصميمية بالظهور داعمة له ويتم توضيحها من خلال رسومات يدوية للمصمم، مقتبسات، صور ومواد استلهامية. وبالأخير يقوم المصمم بشرح المخرج النهائي رابطاً ما سبق وبالأخص الفكرة التصميمية وكيف قام بترجمتها باللغة التصميمية (الخطوط، الألوان، الشبكة، الرسومات اليدوية، لوحة المواد والطراز المستخدم).

جدول من تصميم الكاتبة لتقييم ترتيب لوحة المشروع

تمرين:

يخصص الطلاب أيام عمل كاملة على مشروع الترم قبل التحكيم، حيث يفضل الأغلبية العمل في المنزل / الاستوديو الخاص. أثناء عملك على المشروع رتب لوحة الأفكار تبعاً للجدول أعلاه وقم بتقييم ذاتك او اجعل شخصاً آخر يقوم بالتقييم، فكلما كانت هناك عين جديدة كلما كانت التغذية الراجعة مفيدة. ثم اتصل بزميلك وقم بشرح مشروعك على النحو المذكور وقدم الجدول أدناه لزميلك لتسمح له بتقييم آداءك أثناء الشرح.

جدول من تصميم الكاتبة لتقييم اسلوب الشرح

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

المهارات القيادية الثلاث

تُعرف مهارات القيادة باستغلال الفرد لمعرفته وقدراته لتحقيق الغاية والأهداف. وتثبت أن القيادة صفة يمكن اكتسابها ويمكن تطويرها مع التدريب. تضم نظرية القيادة ٣ مهارات: تقنية، إنسانية وفكرية. جميع هذه الصفات يجب توافرها في القائد وتختلف مستوياتها بمكان الفرد في السلم الإداري وتبعاً لذلك تكون بعض المهارات مهمة أكثر من غيرها.

صورة توضح مستويات المهارات القيادية الثلاث تبعاً للمستوى الإداري

تتمثل المهارات التقنية بالخبرة المختصة بعمل أو نشاط محدد. وتشمل قدرات متخصصة في مجال معين، قدرات تحليلية والقدرة على استخدام الأدوات والتقنيات المناسبة. وغالباً ما تكون أعمال يدوية مع منتج بسيط أو عملية محددة تحت منظمة معينة. أما المهارات الإنسانية “مهارات الناس” فهي قدرة القائد على التواصل والعمل مع أعضاء/موظفين مختلفين في الفريق/المنظمة لتحقيق هدف تعاوني. تتيح المهارات الانسانية القائد جمع الأفراد المختلفين وإلهامهم للعمل من أجل هدف واحد. وتتضمن الوعي بمنظور المقابل. كونك قائداً مع مهارات إنسانية تعني أنك حساس تجاه معرفة دوافع، حاجات ورغبات الآخرين وشملها عند اتخاذ القرار. باختصار شديد المهارات الإنسانية هي قدرتك على الاندماج مع الآخرين أثناء العمل.

وتعرف المهارات الفكرية بقدرة الفرد على العمل مع الأفكار. يتميز القائد ذو المهارات الفكرية أريحية عمله مع الأفكار المشكّلة للمنظمة والتعقيدات المشمولة فيها. وهو قادر على صياغة أهداف المؤسسة ويفهم المبادئ الاقتصادية التي تؤثر على المؤسسة. القائد ذو المهارة الفكرية يعمل بسهولة مع الأفكار المجردة والفرضيات.

تصوير الكاتبة للمهارات القيادية الثلاث

هذه النظرية منقولة ومترجمة من هذا الكتاب، شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

التصميم والتعليم

عُرف مصطلح التصميم في المنطقة الشرقية منذ السبعينات الميلادية. حيث أُسست كليات / أقسام العمارة في كل من جامعة الملك فيصل -جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل حالياً- وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن تبعتها بسنوات جامعة الأمير محمد بن فهد. ومنذ ذلك الحين تعمل هذه الجامعات على تخريج أفضل كادر لسوق العمل. لكن يظل فهم العملية الإبداعية جديداً بعض الشيء بالأخص على من يفتقد الخبرة في المجال من العملاء، المدراء والشركاء. بالأمس اعتذرت عن كتابة تدوينتي اليومية لانشغالي بإدارة حوار بعنوان “التصميم والتعليم: نحو حلول مستدامة” تابع لسلسلة حوارات استكشافية في السعودية ٢٠١٩ نفذتها نقاط.

تنوع الحضور مابين المصممين والمعماريين الممارسين، الأكاديميين وصُنّاع القرار. افتتحت الجلسة بالتعريف عن معنى التصميم واتفق الحضور على المعنى الشمولي للتصميم: هو قناة تتطلب من ممتهنيها حمل المسؤولية، الأخلاقيات العالية، العزيمة والإصرار لحل مشكلة اجتماعية، معرفية او تعليمية تترجم حلولها باستخدام أدوات محددة وتسلك عملية إبداعية كونها خطوات تدويرية وليست خطيّة لانتاج تغيير/حل ذو أثر قابل للقياس. استكملت الجلسة بالحديث عن عدة معرقلات للوصول لمنافذ تستقبل الحلول. بدءاً بالفرد حيث ناقش الحضور افتقار خريجي التصميم في الفترة الحالية لأمرين، الأول المبادرة في البحث والتعلم الذاتي وعدم الاعتماد والتسليم الكلي للمنهج الدراسي ومقدم المادة في الجامعة والثاني تعلم أسس القيادة: حمل عاتق المسؤولية الوظيفية والانضباط في المواعيد وتقبل أخذ أبسط المهام في البدايات. بعدها، توسعت الدائرة لتشمل دور الأسرة بترسيخ القيم المذكورة عبر التربية والاستفادة من المبادرات المنظمة من وزارة التعليم وغيرها من الجهات المحلية المسجلة. توجّه الحوار نحو العملية التعليمية التي يمر بها طلاب التصميم/العمارة في الجامعة إشارة لضرورة إشراك النقد ومهارات التفكير العليا لدى الطلاب وتنمية التساؤل بالإضافة لتقديم المواد الاختيارية في مجالات كالتصميم التجاري، الفندقة وريادة الأعمال. أشار الممارسين لضرورة إشراكهم في العملية التعليمية بدءاً بالمواد الاختيارية وقاموا بطرح فكرة تقديم دورات معتمدة من مؤسسات عالمية -في المجالات المذكورة آنفاً- تحتسب ساعاتها كجزء من البرنامج الدراسي لطلبة البكالوريوس او الماجستير.

واسترسل الحضور بالحديث عن افتقار الكادر الأكاديمي رغم محاولاتهم واجتهاداتهم الشخصية للمعرفة اللازم تزويدها الطلاب عن الممارسة في سوق العمل ونوقش ضرورة تغيير قانون حرمان الأكاديمي في مجال الهندسة/العمارة من مزاولته مهنته أثناء التدريس. وبالمقابل، أضاف الحضور ضرورة إشراك الممارسين في بعض المواد التي يمر بها طالب التصميم/العمارة أثناء عمليته التعليمية لاكتسابهم العلم المرتبط بممارسة المهنة في سوق العمل. وبالنهاية، أضافت إحدى الحضور ضرورة مواكبة جيل الألفية عبر استخدام لغة/وسط يسهل للتواصل وفهم المعلومة المطروحة.

محاولة الكاتبة تحليل المشاكل الأساسية التي تم طرحها بحوار التصميم والتعليم الاستكشافي التابع لنقاط في الظهران

في الصورة أعلاه محاولتي لتحليل المشاكل الأساسية التي تم طرحها مع تبيان علاقاتها ببعض وتقسيم فرص الحل بمجالات محددة تبدأ من الفرد وتنتهي بصُناع القرار. شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

مسرّعات الإبداع الجماعي

بعكس عملية تعلم التصميم، تعتمد جودة الانتاج التصميمي “الابتكاري” على الجماعة. قد يعارض البعض هذه الحقيقة باعتبارهم ان العمل الجماعي يستهلك أضعاف الوقت الذي يقضيه المصمم لوحده من أجل الانتاج. لكن اليوم تبينت لنا أربعة مسرّعات لفريق العمل سواء كانوا طلاب، شركاء او ممارسين في مكاتب التصميم.

بداية بصنع نموذج العمل المتكامل وهو بالعادة يضم مقارنة بين شركات عالمية منافسة وطرح الأسئلة التي تؤهل فريق عملك للوصول للرؤية أو نحو المستوى المُراد. بعدها، يتم تهيئة المكان لدعم ثقافة الابتكار حيث يتواجد أعضاء شغوفين يسعون خلف مهام يؤمنون بها، يستكشفون محيطهم من أجل تحويل الرؤية إلى واقع. ثالثاً، يتم طرح المهارات المواهب الميول والتجارب لكل أعضاء الفريق المتنوعين وتحديد النواقص لمعرفة من يملكها ويمكن الوصول إليه وقت الحاجة. وأخيراً، توظيف الفكر المتنوع في المجموعة من خلال استخدام أدوات التفكير الابداعي (العصف الذهني، عملية حل المشاكل الابداعية، التفكير المتعدد الأبعاد، وغيرها من الأدوات.

هذه المسرّعات الأربعة تفيد أصحاب الأعمال او الطلاب من أجل الوصول للانتاج الابداعي الجماعي. قد تكون المقالة مختزلة ومختصرة بشدة، لكن يمكنكم الحصول على التفاصيل من كتاب Be The Innovators: How to Accelerate Team’s Creativity, Peter Ling, Oxford University Press, 2016

عملية التصميم التعاطفي

يرتكز التصميم التعاطفي على استدراج رغبات وحاجات الناس، بينما يقوم مدخل إدارة المنتجات التقليدي بدمج تركيز خارجي على سوق العمل وآخر داخلي على التقنيات المتاحة في المنظومة. في هذه المقالة الثالثة لسلسلة (التعاطف) سأقوم بسرد مثال مبني على عملية التصميم التعاطفي.

يقول جون كوكلو: كنت نائباً لرئيس التصميم في (ماي إي دي يو) حيث نركز على مساعدة الطلاب لنجاحهم عبر العملية التعليمية التي يمرون بها في الجامعة بالإضافة لمساعدتهم في عرض انجازاتهم الأكاديمية هادفين لتوظيفهم في سوق العمل. منتجنا ببساطة هو أداة رقمية تحوي أدوات تخطيط من ضمنها صانع جداول دراسية. بدأنا بعد ذلك ببحث سلوكي تعاطفي لضمان توظيف عدد أكبر من الطلاب. ويركز البحث على ما يفعله الجمهور بدلاً مما يقوله فنزلنا المباني السكنية للطلاب وقمنا بملاحظات عديدة لكافة النشاطات التي يمارسونها (حل الواجبات، مشاهدة التلفاز، تسجيل المواد). بكل بساطة، كان هدف الملاحظة جمع مشاعر بديهية تعبر عن ما يعني أن تكون طالب في الجامعة. قمنا بتكرار هذا البحث مع ملاحظة العينة المقابلة -مسؤولي التوظيف في الشركات- أثناء الحديث مع الطلاب وحصر النشاطات التي يقومون بانجازها للعمل على ضمان توظيفهم. يقتصر هذا النوع من البحوث على الملاحظة أما التحدي فيكمن في قبول العينة المنتقاه لخوض علاقة قصيرة المدى معك كباحث خلال وقت قصير.

صورة من تحليل الكاتبة توضح أصحاب الشأن المتعلقين بالمنتج وحاجات لكل طرف

بعد عملية البحث نقوم بعرض تسجيلاتنا “كاملة”، وهذه خطوة أساسية كونها ترسّخ صوت العينة المنتقاة في أذهاننا كباحثين. بينما نستعرض التسجيل، نستوقفه ونعيده، نبدأ بالتفكير بنفس المنظور الذي تفكر به العينة المنتقاه. ثم نقوم بقراءة ملاحظات الأفراد ونسلط الضوء على النقاط البارزة، ونقوم بتحريك الملاحظات وتصنيفها لمجموعات، نقوم بتسمية هذه المجموعات إلى (يقوم الطلاب بكتابة سير ذاتية لهدف الحصول على وظيفة) بدل من (خدمات وظيفية) او (التوظيف). وبعد استعراض المجموعات والملاحظات نبدأ عملية التحليل بطرح أسئلة كـ (لماذا يقوم الطلاب بكتابة سير ذاتية لهدف الحصول على وظيفة؟) ونجيبها من المحتوى المتوفر (لانهم يظنون ان مسؤولي التوظيف بحاجة لرؤية سيرة ذاتية) وهنا تستدرج أسئلة متكررة تبدأ بـ لماذا مستفتحين خطواتنا نحو انتاج ابتكاري. تعقبها سلسلة من استنتاجات نابعة من تصرف انساني صادق.

جدول يوضح المقارنة بين النتائج المستخلصة من كلا الطرفين

بعد مرحلة كتابة الاستنتاجات نقوم بمقارنتها ودمج ما يتناسب منها لهدف طرح قيمة مضافة للمنتج، بعدها نحصر النتائج باستخدام عبارة (ماذا لو؟) مثال: ماذا لو قمنا بتعليم الطلاب طرق جديدة للحصول على وظيفة؟ ماذا لو عرضنا مسارات بديلة للوظائف؟ ماذا لو ساعدنا الطلاب بالتعرف على مهاراتهم وتقديمها لمسؤولي التوظيف بطريقة تحمل المصداقية؟. تعتبر القيمة المضافة وعد للفئة المراد تقديم المنتج لها. فنحن نعد الطلاب لو قاموا باستخدام منتجنا، سنساعدهم بالتعرف على مهاراتهم وعرض تلك المهارات على مسؤولي التوظيف. لو فشلنا بتأدية هذا الوعد سيخوض الطلاب تجربة فاشلة مع منتجنا وسيرحلون. بعدها نقوم بسرد القصص التي تحكي تسلسل استخدام منتجنا بدءا من كيفية الحصول عليه، استخدامه، واستقبال الوعد المنشود. بعدها نصنع هذا السرد بالأدوات التصميمية التقنية (واجهات، عناصر بصرية، دراسات حركية، غيرها من الأدوات تصميم المنتجات الرقمية).

يساعد المنتج طلاب الجامعات تعريفهم بمهاراتهم وعرضها على مسؤولي التوظيف بصورة ذات مصداقية عالية

استعراضاً للنتائج، حصد المنتج أكثر من مليون صفحة لطالب جامعي، وخلال فترة التسجيل الاكاديمي شاهدنا نمو بين ٣٠٠٠-٣٥٠٠ صفحة جديدة للطلاب خلال اليوم الواحد. بعدها استحوذت على منتجنا شركة برمجيات تعليمية “بلاكبورد” ودمجت منتجنا لنظام إدارة التعلم شاهنا نمو بين ١٨،٠٠٠ — ٢٠،٠٠٠ صفحة طالب جامعي يومياً.

صورة لسير مراحل العمل من تحليل الكاتبة

عملية التصميم التعاطفي ليست صعبة وليست جديدة، هناك شركات متعددة تتخذها مسارها الأساسي لصناعة وتطوير المنتجات. لكن معظم الشركات يرى ان هذه العملية تتطلب تعلم فكر غير معتاد عليها. فهي مبنية على معلومات عميقة ذات جودة بدل إحصاءات وبيانات السوق. هي تحتفي بالناس بدل التقنية، وتتطلب تحديد وتصديق الاستنتاجات السلوكية التي تحمل نسبة من المجازفة.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال

تُرجمت هذه المقالة -بتصرف وتحليل الكاتبة- إلى اللغة العربية من عملية تصميم المتنجات التعاطفية، جون كولكو، هارفرد بزنس ريفيو ٢٠١٤م