السلام عليكم،

يقول الأستاذ كونفوشيوس: “أن للحقيقة أربعة أركان، وأنا كأستاذ أقدم لك زاوية واحدة من هذا المربع. وعليك العثور على الثلاث الآركان الأخرى.

إن محاولة الوصول إلى “عملية” البحث عن المعلومة، وليس المعلومة نفسها هو غاية التعليم. فإن اتفقنا أن التعليم عملية تعاونية تفاعلية بناءة، والذي بدوره يؤدي إلى تحول نوعي في عملية التعلم للطالب بداية بمعرفته بطريقة الوصول إلى ما نريده أن يتعلم ومن ثم الوصول نفسه للمعلومة. نرى أننا نتبع منهجيتين في تعليمنا! كلاهما غايتان متلازمتان لبعضهما البعض ولا تتحقق الأولى إلا بالثانية والعكس صحيح.
يطلق على تلك المنهجية الأولى بـ عملية النقل Tranmissive، أما الأخرى فهي عملية التحويل Transformative للمعلومات أو المهارات، والتي تساعد الطالب للوصول إلى زوايا المربع الأخرى.

إذن، العملية التعليمية التحويلية تعبر عن سياسة التغيير من شيء إلى شيء آخر، بالإضافة إلى إدارة العملية التعليمية نفسها وصولاً لنقطة ما.
ولتسهيل فهم الفارق بين الاتجاهين في المثال العملي البسيط في محاولات التغيير لسلوك معين كما تفعل المنظمات الحكومية من أجل الحد من التدخين مثلاً، أو السرقة (السلوكيات الخاطئة في المجتمع) يتم استخدام الطريقة المعتادة في التعليم وهي عملية “نقل” المعلومة كما وردت (من) المصدر أو الشرع أو القانون، (إلى) الذي يخطئ في سلوكه. واستعراضه بلوحة إرشادية ذات لون أحمر!
وهذه هي المشكلة التي تفاقم بسببها ومن خلالها الوضع القائم في السلوك الخاطىء. لأنها تعتبر عملية فرض السلوك الجديد (الصحيح) كـ نص مباشرعلى الأفراد والمجتمع دون محاولة “تحويل” المعلومة (من) نص مكتوب (إلى) نشاط يمكن ممارسته.
كما أنه لا توجد مشاركة نفس المتفاعلين (المخطئين) في هذه العملية حتى في إبداء وجهة نظرهم أو أسبابهم في ارتكاب هذا الفعل، كي يستطيع أن يتحدث من وجهة نظره هو وما يريد ولماذا يعتقد ذلك، ومن ثم الاقتناع بما هو جديد – وفقاً للنص) كي يحاول ممارسته وتجربته ليكون سلوكاًً جديداًً بالنسبة له.

عملية النقل تبدأ بفرض المعلومة من المعلم إلى المتعلم، للاستفادة منها. تبعاً للخط المستقيم المنتقل من المعلم إلى المتعلم وصولاً إلى النتيجة. أما التحويل فهو عملية “مشاركة” المعلومات إلى ومن المتعلم. وفقاً للتبادل المعلوماتي داخل مسار محيط دائري يبدأ بالمعلم، ويمر بالعملية والطريقة، يصل بنا إلى المتعلم، ليستنتج شيئاً جديداً ويضيف خبراته تراكمية ومن ثم يصل إلى المعلومة والتي تعود مرة أخرى للمعلم. فهي عملية تعتمد على النظرة الشخصية للطلاب ومدلولاته حول المفاهيم المختلفة التي طرحها المعلم، لينتج منظور جديد تم اكتسابه من الخبرات والتجارب في حد ذاتها من خلال الممارسات المنهجية والـ لا منهجية. أي تحويل المنظور الشخصي من مفهوم إلى آخر Perspective Transformation، لذلك فهي عملية بنائية، تجعل من المتعلم عنصراً باحثاً والذي بدوره يؤدي إلى تداخل المتعلم في بناء وامتلاك المعاني والمعلومات. وليس الحصول عليها فقط!

هذا لا يعني أن طريقة “النقل” عملية تعلمية غير مناسبة، ولكن يجب أن لا يكون الدرس الجديد -الحصول على أركان المربع، دون أن يعرف كيف توصل إليها وكيف يستطيع مجدداً الحصول عليها.. كلا التصنيفين أو الطريقتين متقابلتين ويمكن عكسهما في ممارسة التعليم، ولكننا دائماً ما نكتفي بتقديم المعلومة والاكتفاء بذلك!

غايتنا الدمج بين النقل والتحويل* ..
فالوصول إلى المعلومات لا يعتبر القضية المهيمنة في التعليم بل الأهم هو إعداد المتعلم للتعلم بشكل مستمر (بنفسه)، أي استمرار عملية التعلم سواء أكان بمساعدة المعلم أو اعتماداً على نفسه. لذلك كان التحول من عملية التعليم المصنعية التي تعتمد على الطريقة والمنهجية الواحدة لنوعية إنتاج واحدة، إلى طريقة ومنهجية نظام الحياة الطبيعية المتغيرة والمفتوحة من أجل إنتاجية تدوم.

أنت المسئول الآن!
حسبك أن تعرف كيف تم الوصول إلى كل جديد، وأن هناك طرقاًُ، يمكن تطبيقها كل مرة. حتى إذا ما كنت تملك زاوية وحيدة للمربع، فأنت قادر على إيجاد الزوايا الثلاث الأخرى بنفسك.

* تجدر الإشارة إن صعوبة التغيير بسبب أن العملية البنائية صعبة، وتستغرق وقت أطول، ولا يمكن التنبؤ بنتيجتها. كما أن التغيير يكون بيد المشاركين بها. ولكنها هي العملية التي يمكن اعتبارها عملية تعليم مستديمة حقيقية وفعالة!

التعليقات: 3 | الزيارات: | التاريخ: 2011/03/20

3 من التعليقات

  1. يقول صباح الخير:

    عجبني الموضوع
    “فالوصول إلى المعلومات لا يعتبر القضية المهيمنة في التعليم بل الأهم هو إعداد المتعلم للتعلم بشكل مستمر (بنفسه)، أي استمرار عملية التعلم سواء أكان بمساعدة المعلم أو اعتماداً على نفسه” > ذكرني باستاذه انجلش قد درستني وعلمتنا كيف نعرف نميز معاني الكلمات (الفوكاب )من نفسنا دون مانحتاج لاحد سواء شخص نسأله او جهاز او كتاب يترجم لنا من خلال الجمله الموجوده بالكلمه نفسها مرره استفدت من طريقتها وللان استخدمها وصارت ترسخ الكلمه ببالي اكثر من ان لو سألت شخص او استخدمت كتاب او جهاز يترجم لي طبعا بعض الكلمات الصعبه ماينفع لها هالطريقه بس خلتنا ع الاقل نستخدم تفكيرناقبل مانروح للاجهزه ..
    دمتي ودام قلمك

  2. تدوينة عميقة جداً !
    أن نؤسس في الطالب مهارة
    البحث وتجنب تقديم المعلومة
    على طبق من ذهب !

    شكراً يا ثرية الفكر ()
    حفظكِ المولى

  3. رائع يا وعد و بالفعل هذا ما ينقصنا في العملية التعليمية ،، و الذي الاحظ ان هذه الطريقه متبعه تقريبا في مدارس رياض الاطفال ،، الاطفال يشاركون المعلمه في المعلومات و يستنتجون و يبحثون ،، لكن لماذا تختلف الطريقه في المدارس النظاميه !! لا اعلم