السلام عليكم،

من الصعب افتعال مقدمة لموضوع يتحدث عن التنفيس والفضفضة، فأنا هنا لا أملك تواتراً كي أصل إلى ما أريد قوله سوى أنني سأبدأ بما عاصرته مؤخراً..

إن الكثير من عاداتنا عادات غير واضحة بالنسبة لنا، حتى أصبحت جزء من شخصياتنا.. والتواصل مع الاخرين بمختلف خصائصها ضمن إطار عاداتنا اليومية.. واعتيادنا اليومي على التواجد في المواقع الاجتماعية.. وما أن تعترينا الكثير من الاحداث الخارجية (أو قد أقول خارج إطار الشبكة) سواء في علاقتنا مع العمل، العائلة، الدراسة، الاصدقاء . . نجد النت هو المتنفس لتلك الحالات والمشاكل وتعقيداتها ..عن طريق الكثير من القنوات والمواقع الاجتماعية..

نعم، اعتدنا كتابة التعبير عن الحالة منذ زمن في الماسنجر.. فهذه محاولة الثرثرة باختصارعن حالتنا ووقع الحدث الخارجي بجماله أو سوءه للجميع (داخل الماسنجر)، محاولين استجلاب الاهتمام والاستحسان أو المشاركة أو الدعم من أعضاء الماسنجر.. ثم التوقيع في المنتديات.. لتكبر الدائرة لأعضاء المنتدى ورواده.. كي نصف حالتنا أو جزء من شخصياتنا .. يتطور الأمر إلى الفيس بوك وتوتير.. والتدوين… بصراحة أكبر وبطريقة أكثر سهولة ودعوة لكتابة ما نشعر به في تلك اللحظة تحديداً..

كل ذلك دعم قوي لتقوية عاداتنا السلوكية (جيدة\سيئة) في الفضفضة أو التواصل… وكأننا بالون كبير من المشاكل والحالات لا يلبث إلا أن يفرغ ما به عند أقرب محطة تفريغ.. !!
المشكلة تكمن أننا لم نتعود أن نفرغ هذا الهواء تدريجياً.. بل نحب كثيراً الانفجار..  (ونستمتع بتبعاته) .. فنشاهد يومياً الكثير من الانفجارات النفسية والمشاكل والحالات … لأننا تعودنا أن نكتب كل ما (يشيط) بنا يومياً دون أدنى تفكير..
قد أوجه هذه الكلمات لي أولاً (فأنا من هؤلاء: محترفي الانفجار) وللفتيات عموماً.. ولأننا الأكثر عرضة لمحاولات إخراج الهواء من دواخلنا …بصوت مدوي…

لماذا يحدث ذلك؟
في منزلك أمام شاشة الجهاز أو الجوال، شعور بالأمان فلا أحد حولك أو يمنعك.. هي أسهل الطرق للتنفيس، تشعر بضغط ملح يزيد من قوتك تحت وطأة الغضب أو الضيق.. للتعبير عن أفكارك، لوحة المفاتيح تساعدك في كتابة ما تريد.. يجب أن يخرج كل الهواء منك .. بأسرع\أقوى طريقة ممكنة .. في أي مكان ولأي شخص..

أشياء لن تصرح بها يوماً – شخصياً أو على الهاتف – ولأشخاص غالباً لا تعرفهم.. نبحث عن يد (إلكترونية) غالباً .. تحن علينا وتقف إلى جانبنا..
إن لا أحد ينظر إلينا، أو يقيس حجم توترنا، شعور بالامان لتدوين كل فكرة وكل شعور لحظي أو متراكم.. الرغبة في التنفيس بأي طريقة كانت .. فعند الاحباط نكتب عنه بكل التعابير، عند السوء نصف كل تفاصيله.. سخط، ألفاظ جديدة، بيت شعر أو حتى صورة .. قد تتخللها كلمات تكون نابية أحيانا..نكتب أننا نتمنى الاختفاء.. أفكار جديدة في التعبير..!!

ثم نشر..!!

وبعد الاحداث وحين ندرك ما قد قلناه نرى أن الفوات قد آن.. حتى أننا بدأنا لا نندم مع الوقت لاطلاق تلك الافكار \المشاعر الناتجة من السخط!

بعد إخراج الهواء .. لا نعلم أن هناك من يحاول تجميع كل هواء سيء\جيد منا مرة أخرى لأغراض أخرى.. ليكون هو أداة انفجارك مستقبلاً.. وتبدأ حالات الندم أو هي السوء..
الأمر المحزن جداً أننا ننفجر في كل مرة بذات القوة على ما حدث اليوم، وما حدث في الاسابيع والسنوات الماضية. بسبب تراكم الهواء السيء داخلنا..واتصاله بمسائل متشابهة قديمة..

يكمن الحل في الاعتياد على (اكتساب عادات جديدة)\
–  تحديد المسائل التي تستدعي الانفجار والتفريق بينها وبين التي لا ألقي لها بالاً.
–  أفرق أيضاً بين حالاتي المزاجية وعلاقتها بالأحداث، فلا أجعل الاولى تسيطر على الثانية. . فلو كانت المشكلة أو الحدث ذاته مع اختلاف المزاج ماذا يمكن أن يكون رد فعلي؟
–  ربما تكون الحالات الصحية في التواصل مع الاخرين هي في تسريب الهواء تدريجياً بتعقل ..
–  لا أحاول أن أنشر ما أفكر به حالاً، فإن لذلك تأثير مباشر علي مستقبلاً..
–  لا أكبت شعوري السيء من حدث ما كي أجعله يتراكم في داخلي، ثم أنفجر به لاحقاً.. لكن اختار مكان تفريغ هذا الشعور..
– ابتعد عن النت تماما عند الغضب أو عن أي قنوات التفريغ الاجتماعية التي تشعرك بالامان (الكاذب)
–  من يقرأ لك لا ينسى حالاتك .. حتى لو نسيتها أنت.. سجلك اليومي (ماذا فعلت في السادس من حزيران؟)
–  تذكر دائما أنه لديك الخيار في النشر من عدمه.. وأن تكتب ما كتبته لنفسك فقط .. إذا كنت ممن يحبون الكتابة..
–  توصيلك ونشرك لكل ما يعتيرك وسيلة جيدة لأن تقع “ضحية” بأي طريقة كانت.. وربما تكون عرضة للمتحرشين نفسياً في وقت لاحق..
– فخ النت لا يملك فوهة أو حتى قاع.. !
–  بالرغم من بعض الحالات الاستثنائية لجلب الدعم من الاصدقاء في الشبكة، إلا أن الافضل أن لا نعبر باندفاع وانفجار..
– توخى الحذر، ابحث عن سعادتك .. “وما لك إلا الصبر”.. 🙂

.
.

مشاهدة ممتعة .. لحظات بطيئة

التعليقات: 14 | الزيارات: | التاريخ: 2009/08/17

14 من التعليقات

  1. يقول ماجد:

    اشعر ان المشكلة ليست في “الإنفجار” بحد ذاته … لكن الخوف مما قد اكتب و انشر وانا في حالة الإنفجار و الندم عليه لاحقا

    نعم اتفق معك … بث الحالة النفسية في المدونة و نشرها امر يبقى محفوظ لمدة لا يعلمها الا الله بخلاف لو فعلت الأمر ذاته مع شخص يمكن ان ينسى بعد دقائق شظايا هذا “الإنفجار”

    يعني انتي اجدتي و افدتي و اتيتي بالموضوع من تلابيبه … لا حل سوى الهدوء حتى يسكت الغضب و من ثم التدوين بمزاج “ما بعد الإنفجار”

    دمتي بخير

  2. يقول ماجد:

    و امر اخر … تدوينة ممتعة فعلا

    دمتي بخير … مرة اخرى

  3. يقول نوفه:

    صدقتي اخشى ما اخشاه المتحرشين نفسياً كل ما أقوله مسجل و مأرشف

    لا يمكن لي أن أتنفس دون أن يتم تسجيل تنفسي بقوقل 🙂

    أصبح يشكل خطرأ يهددنا قبل كتابتي بالإسم الصريح لم اكن أهتم بما أقول

    و ما أفعل و لكن بعد كتاباتي بالإسم الصريح أصبحت أقيد نفسي كثيراً

    خصوصاً في مجال غضبي مع أني أفلت أحياناً

    شكراً لهذه التدوينه نبهتني على بعض الأمور سلمتي

  4. يقول فُصُول:

    نحتاج إلى ” الحلم ” كثيراً
    كلمات أشبه بلوحة فنية ..
    جزيت خيراً 🙂

  5. المشكلة ليست في الانجار مرة واحدة بل في طريقة تحدثنا مع الاخرين فتجدين الشخص بكل صراحة و ( ميانة ) في بعض الاحيان يتحدث .. و في كل المواضيع ..
    من وجهة نظري الشبكات الاجتماعية و المدونات و التقنية بشكل عام ليست سيئة أبداً إن تم استخدامها بشكل صحيح و إيجابي
    ..
    و كما قالت نوفه الاسم الصريح يقيد الشخص فلذلك افضل استخدام اسماء مستعارة أو كذبية نوعاً ما ان صح التعبير

  6. كلام رصين جدا … وقيم ..

    أعوذ بالله من الغضب ، والانفجار …

    تحبذ الانفجارات الصغيرة على النفس بلومها كي تكون مطمئنة …

  7. يقول وديان:

    حكم حكم
    كلمات مفيده جدا
    سلمت يمناك ويسراك
    (لأنك تكتبين بالكيبورد ) :p

  8. يقول nado:

    سبحان الله الفكرة كانت براسي من فترة طويلة

    رتبتيها أكثر

    تسلمين

  9. يقول سعد الشدي:

    من جد تستاهل أنها تكون من المواضيع المتميزة

    شكرا يا وعد 🙂

  10. […] بالون قابل للانفجار! […]

  11. يقول نيوني:

    فخ النت لا يملك فوهة أو حتى قاع.. !
    لافضت أناملك 🙂

  12. اممممممممممممممم
    اكثر شيء عجبني في موضوعك انك تطرقتي لكيفيه التحكم بالغضب الالكتروني
    لان اصبح الان اسرع و اسهل و ابسط طريقة لتفريغ عن الكبت النفسي
    بالنسبة لي لاني اكثر انسانة في العالم انفعالاتي لحظية فهمت مدونة بشكل اخر
    لاني ولله الحمد استطعت ولله الحمد اني اتحكم بانفعالاتي نسبيا حتى في مجال الكتابة احاول لا اكتب الا حين يهدا الوضع و حينما استطيع الرؤية من اكثر من زواية لكي استطيع ان اكتب بحيادية ممكنة
    تسلمو ع المدونة

  13. تحليل جميل و واضح و واقعي!
    من تجربتي تعلمتُ أن أقسم التفريغ و التنفيس عن الذات إلى قسمين: قسم لنفسي و هو ما اكتبه في حالات الغضب او الاكتئاب الشديد و قسم للآخرين و هو ما أفكر بعقلانية و روية قبل نشره.

    سلمتِ على هذا الموضوع الرائع 🙂