السلام عليكم،

حين أبدأ في كتابة بحث ما أو موضوع أو حتى مقالة يجب أن أكون شخصاً محايداً في رأيي وطرحي حتى لا أهضم الموضوع حقه وأبنيه على وجهة نظري الشخصية، كما يجب أن أمتنع عن الاستدلال بانتمائي الديني مثلا أو اتجاه المدرسة التي أنتمي لها وأعتقد بأحقيتها .. كل ذلك يعني أن أكون ذو نظرة حيادية غير متحيزة وذات طابع حر من أي قيد غير علمي ومثبت بطرق وأسس علمية.. مما يعني أن أتجرد من اعتقاداتي !

هذا أمر قد تعلمته في أسس البحث العلمي، ولكني لم أمارسه في أبحاثي أو حتى في الكتابة. لأني أعتقد أن الدليل من القرآن أو من السنة هو ما يدحض أي قضية خلافية حتى ولو كانت علمية.. على سبيل المثال البسيط: قضية كروية الأرض بالرغم من السنوات الطوال والتي سعى الإنسان ليثبت كرويتها أتى القرآن بدليل قطعي وشرعي وأثبت ذلك!

لكن\
ماذا لو كتبت بحثاً علمياً وقدمته لغير المسلمين لإثبات قضية ما..؟ وقمت بالاستدلال بالقرآن الكريم كي أثبت النظرية..
لن يقتنع هذا الشخص بنظريتي واستدلالي لأنني حاولت إدخال ما أعتقده وأؤمن به . (رأي دكتورة إلهام). والذي يعتبر أمراً يندرج تحت نطاق الانتماء والتوجه كما أنه لدى غير المسلمين أمراً روحانياً لا علاقة له بالعلم بعكس ما نعتقده نحن.. (كون الإسلام والشريعة هي العلم وهو الحقيقة العلمية التي يتم الاستناد والاستدلال بها لإثبات صحة علوم الأرض والظواهر الفلكية وكل ما يقع تحت مظلة علوم)..

اليوم كنت في دورة تدريبية وتم التطرق بطريقة ما لهذا الموضوع وامتد النقاش بيني وبين إحدى الدكاترة الحضور (د.إلهام حسن) لتقول لي: “أن لا يحق لنا الاستدلال بالدين لإثبات قضية علمية لأننا بذلك لا نقوم على أسس علمية.. إلا في حالة أن يكون التشريع الاسلامي هو المصدر أو المنهجية التي يقوم عليها البحث سواء أكان علماً شرعياً أو لغوياً أو حتى علمياً.. أي أن تقوم المنهجية لقياس تلك النظرية”.. وأردفت قولها: أنتبهي لا يشترط أن أكون مسلماً حتى أقوم بهذا النوع من الأبحاث ولكني في كل الاحوال تقوم منهجية البحث عليه”.. فيجب أن تكون حتى لغة البحث محايدة وغير موجهة أو تقود بطريقة ما لأمر ما..

أتساءل\
ماذا لو وقع في يدي بحث يصب في محور الفكرة التي أقوم بدراستها.. واستند صاحب البحث على أسسه الدينية (غير الإسلامية)؟..
بالطبع سأرفض ذلك البحث .. وسأبحث عن ورقة أخرى محايدة دون أن تحمل أي إثبات ديني غير مسلم..
ربما أيضاً لو قرأت مقالاً حمل رؤية المؤسسة أو بحسب ما يراه الكاتب دون محاولات إثبات علمية حقيقية .. قد أتردد كثيراً في الاستدلال بهذا البحث..!!؟

أفكر\
أتفق في قضية وجوب كوني باحثاً علمياً محايداً، ولكني أعتقد بشمولية الإسلام واحتوائه على الأدلة والتي تثبت العلوم جلها .. وأستطيع الاستدلال به لأثبت نظرية ما..
– كيف أقنع شخص ما بذلك؟
– كيف لي أن أستدل في بحثي مثلاُ بآية قرآنية أو أستشهد بفعل للرسول صلى الله عليه وسلم وأعتبر نفسي شخصاً محايداً؟
– متى أنطلق في بحثي أو قضيتي العلمية وأستند إلى أدلة دينية؟
– هل يجب أن أكون محايداً في أي طرح علمي وأن لا أستدل بالأدلة الشرعية كي أثبت نظرية ما؟
– حين أوجه النظرية أو البحث لشخص ما “غير مسلم”، كيف أقنعه بذلك؟
– يجب تجريد البحث العلمي من وجهة نظري الشخصية ومن اعتقادي الديني.. بالرغم من أن ديني هو الدين الأعم والأشمل.. كيف أوفق بين ذلك؟
.
.
لماذا طرأ علي هذا السؤال\
يجب أن أذكر لكم كيف توصلنا إلى هذا الموضوع..
في الدورة التدريبية ذكر لنا المدرب الدكتور محمد المنشي القيم الأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها أصحاب العمل .. كالتعاون والالتزام والإتقان وغيرها من القيم .. ثم قام بإدراجها تحت كلمة التقوى..

التقوى هي كلمة شاملة لامتثال أوامر الله واجتناب النواهي وهذا ما نؤمن به.. فقامت إحدى الحاضرات بالسؤال: عن ما إذا كان من أعضاء المؤسسة من لا ينتمي إلى الدين الاسلامي.. كيف يتم التعامل معهم على أسس التقوى؟؟
فتلك المنهجية من القيم هي أخلاقيات العمل وإن لم تكن تحت مظلة التقوى لدى غير المسلمين، فغير المسلمين يعملون بمقتضى تلك القيم (مسلمون بلا إسلام)
فالمنهجية الخاصة بالمؤسسة هنا يجب أن لا تحمل اعتقادنا الديني لأننا فقط ننتمي له .. ؟؟ حتى تضم أفراد العمل من أي انتماء ديني كان!؟!

السؤال\
متى نستطيع بناء منهجية أو نظرية أو نحاول إثبات أمر علمي ما .. ونتبع منهجيتنا الدينية وانتماءنا الحقيقي والذي نعتقد ونؤمن أنه هو الحقيقة الحقيقية (وهو ذلك)؟؟
متى نجرد هذا البحث أو تلك النظرية في محاولة الاستدلال بالدين لإثباته أو دحضه؟؟

مصدر: الصورة
شكراً آل تويتر على تعريف كلمة محايد أو حيادي 🙂

التعليقات: 12 | الزيارات: | التاريخ: 2009/06/08

12 من التعليقات

  1. يقول أطياف~:

    السلام عليكم

    أوافقك الرأي أختي الكريمة
    ومن وجهة نظري أفضل بحث أو دراسة هي التي تقوم على أسس علمية وبعد الاقناع ندعمها بأدلة قرآنية ودينية ويجب ألا نغفل ذلك لتكون صورة مكتملة تتجلى فيها عظمة هذا الدين

    شكرا لك =)

  2. يقول o T h M a N:

    كلامك فيه شيء من الفلسفة …
    .
    .
    .
    الواقع
    أن غير مسلمين في كثير من الاحيان يتميزون بأخلاق المهنة عن غيرهم
    .
    .
    ولا أخفيك أن بعضهم عنده إعجاب كبير بديننا الاسلامي ويعجبه أن نأتي ببعض الايات أو الاحاديث
    وأزيد من الشعر بيت أن بعضهم طلب مني تزويده بنسخة من القران
    ا ل م ش ك ل ة
    ضعف الاعتزاز بدين عند بعض من أبناء جلدتنا
    بل وعدم الاحترام والكذب وإخلاف الوعد مما يسبب غبش وحيرة عندهم
    شكرا موضوع مهم

  3. كلام جميل اعجبني و مؤيد لكل ما ذكر

    و ارى ان ذكر دليل من القرآن يكون مكمل وليس هو الاساس في الاثبات ..

    ليس لانه اقل من ان يكون كذلك حشى و كلا ..

    ولكن حتى يكون اقوى كحجة و فيصل في الخلاف بالذات عندما يكون البحث موجها لغير المسلمين ..

    فيجد ان هذا الشي قد اجمع عليه العلماء ” مسلم او غير مسلم “ثم يأتي الدين ليؤكد هذا الاجماع !

    بالتوفيق

  4. يقول عزام:

    طرح رائع و”محايد” 😀 ..

    أعتقد أن الاستدلال بالأدلة الشرعية الإسلامية يأتي لمساندة حقيقة علمية أو اكتشاف .. سواءً كان ذلك البحث موجها لمسلم أو غيره ، لماذا ؟
    لأننا لو ذكرنا التفصيل العلمي في المسألة التي نريدها ، ثم أوردنا بعدها الدليل من الشريعة وأخبرناهم أن هذه الشريعة موجودة من قبل ١٤٠٠ سنة ، لكان أقرب للتصديق في نظري ؛ فكونه وجود كلام يرجع لـ ١٤٠٠ سنة يساند شيء اكتشف للتّو شيء يدعو للتصديق 🙂 ..
    بالتأكيد سنحتاج لوجود آلية معينة لترتيب ذلك ، لكنها مجدية -في نظري- .

    شكرًا لك ..

  5. مقالة رائعة استفدت منها كثيراً لم أعتقد أن المحايدة تصل لهذه الدرجة الكبيرة 🙂

    أرى بأن المحايدة جميلة ولكن الإستدلال بكلام الله تعالى وكلام رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم نقطتين مهمتين بغض النظر عن المحايدة

    هذا تعليقي بشكل مختصر ولي عودة للموضوع للاستفادة بإذن الله

    بارك الله فيكم

  6. يقول نوفه:

    هم سيرون ديننا كعلم مجرد بعين الناقد و العالم سيرون الدين لهذا

    أن جلبت من ديني ما يثبت بحثي أو ما يثبت أستدلالاتي سيقبلونه لأنه سيعتبر لديهم

    علم جديد و ملفت للنظر مثله مثل علم الأثار و تقاليد الشعوب و غيرها من علوم

    و خصوصاً ان كانوا لا يعلمون عن ديني أي شيء

    هذا رأيي و الله أعلم

  7. يقول ماجد:

    الموضوع جميل للغاية و مغري جدا للتعليق فارجو ان تتحملوا الإطالة

    النقطة التي تحدثتي عنها فعلا تعتبر شائكة …

    من حيث الإستدلال بالأدلة الشرعية في موضوع غير شرعي ليس على عواهنة

    اولا القاعدة تقرر ان القرآن و السنة لا يتعارضان مع العلم … ولكن لا يمكن للعلم ان يعارض القرآن و السنة. فلو جاء رأي علمي يتعارض مع صريح القرآن و السنة، فهنا و بكل ثقة نستطيع (نحن كمسلمين) ان نعلن على الملأ ان هذا غير صحيح بل خاطئ دون اي مواربة او مجاملة

    و مثال ذلك نظرية التطور و النشوء لداروين … فنحن كمسلمين نعرف اصل خلقة الإنسان و مهما اكتشفو من اثار لهايكل عظمية و جماجم في اندونيسيا او غيرها فلا يمكن ان نقبل بهذه النظرية و السبب بكل بساطة … انها تتعارض مع صريح القرآن و السنة و ليرضى من يرضى و يرفض من يرفض

    اما الأمور التي تشتبه علينا (كمسلمين) في القرآن و السنة ولا نستطيع ان نحدد بالضبط الموقف منها فلا ارى ان نستخدمها في تاييد او دحض النظريات العلمية

    ولا اشعر انه من المناسب اقحام و لوي اعناق الأيات و الأحاديث لكي نظهر للعالم ان ديننا فيه كل ما يتم اكتشافه مسبقا و نحملها مالا تحتمل

    و الأمر الآخر … انه في النقاش او الحوار، ينبغي ان ابدأ من القناعات المشتركة و المقبولة من الطرفين. ففي المثال الذي ذكرتيه عن انه “يجب أن يتحلى بها أصحاب العمل .. كالتعاون والالتزام والإتقان وغيرها من القيم .. ثم قام بإدراجها تحت كلمة التقوى.. ”
    هذا الأسلوب استخدمه مع المسلم او من يهتم بهذه القيم، لكن مغ غير المسلم او الغير مبالي فليس من الحكمة ان اسلك معه هذا الطريق لأنه مسدود. فابدا معه بما يهمه فمثلا بان ابين له بان انظمة و ضوابط الموؤسسة او الشركة تحتم عليك كذا و كذا و سوف يترتب على عدم التزامك كذا و كذا. و بهذا اوصلت القصد بالطريقة التي يفهمها هو

    والأمر نفسه في الدعوة الى الله فابدا بما نتفق عليه و ابني عليه حتى اصل الى المراد من النقاش

    وفي النهاية اود ان اذكر ان البعض منا يهمل نقطة قوة هائلة فيه و لا يستغلها كما ينبغي … الا وهي انك/انكي مسلم/ مسلمة. نعم فانت كشخص مسلم لك ميزات لا يتمتع بها غيرك من غير المسلمين. فنحن نستطيع ان نتوكل على الله اما هم فلا، نحن نستطيع ان نقول “لا حلو ولا قوة الا بالله” و نتامل تفريج الكروب و الهموم ام هم فلا الا ان يتداركهم الله برحمته، نحن نتسلح بالرضا بالقضاء و القدر و الصبر و الإحتساب لنواجه مصاعب الحياة اما هم فلا يجدون امامهم الى الإنتحار اذا ضاقت بهم السبل، نحن نعرف حقيقة الأمور لأنها ذكرت لنا في القرآن و السنة اما هم فما زالوا يتخبطون يبحثون عن الإجابة … ومن يجد الإجابة منهم لا يملك الى ان ينضوى تحت لواء الإسلام و يقول “لا اله الا الله … الآن وجدت الإجابة”

  8. يقول مشغولة:

    السلام عليكم

    تدوينه موفقه ورائعه جداً

    بصراحة يبدو ان الدورة التدريبية كانت ممتعة جداً؛ وددت لو أني شاركتكم فيها 🙂

    تعقيب الأخ الفاضل ناصر رائع جداً

    وأنوه هنا انه يستخدم الذكاء في الإقناع.. فهو في البداية يركز على ضرورة التأكيد على الإتفاقات بين الطرفين..حيث لابد للمسلم ان تكون من صفاته المرونة الفكرية وبالطبع البعد عن الشدة.

    لذا كون الطرف الأول يبرز الاتفاقات أولا من شأنها أن تشعر الطرف الآخر بإحترامك لفكره وآراءه مما يخلق جواً من الألفه في الحوار.. الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المرحلة التالية وهي الإقناع بما لديك من آيات واحداث كمسلم..

    وفي الحقيقه ان الآيات تخبر بحقائق أساسها علمي لأن الدين الإسلامي دين يخاطب العقل والمنطق.. فإذا كان الطرف الآخر شخصا وقوراً قديراً وجديراً أن نبادله النقاش فإنه بالتأكيد سوف يكون منصتاً جيداً ومن المحتمال انه سوف يقتنع بالأدله من القرآن.. لأن الشريعه بجلها لا تنافي العقل بل تخاطبه ! والحقائق القرآنية تنزهت عن الفلسفة والخيال 🙂 ..

    لذا لاتوجد حقيقه في القرآن لا نستطيع إثباتها علمياً !

    ولكن أنوه هنا أن شرح الآيات لابد ان يكون صحيحاً .. ومن الضرورة أن لا نجادل في أمر إذا كنا لا نملك اللغة الكافية أو الخلفية العلمية الكافية.

    فنصف المعرفة أشد خطراً من الجهل.. ويقال أن نصف العلم أن تقول ” لا أدري” إن لم تكن تعرف الإجابة خيراً من أن تخطيء!
    سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا عن شيء فقال الرجل : الله أعلم، فقال عمر رضي الله عنه: قد شقينا إ ن كنّا لا نعلم أن الله أعلم. إذا سئل أحد كم عن شيء لا يعلمه، فليقل : لا أدري.

    أرجو كثيراً أن تتفضلي بقراءة هذا المقال القصير والمليء بالروعة لموقف حصل للكاتب ( فهد عامر الأحمري) عندما كان طالباً مغترباً يدور حول هذا المحور.. علماً أن ما ذكره صحيحاً حيث حضرت ندوة كاملة نقلتها قناة “الجزيرة ” http://www.alriyadh.com/2006/02/01/article127327.html

    🙂

    عذراً على الإطالة أختي الفاضلة

    اسجل اعجابي يمدونتك

    دمتي بود

  9. […] أعتذر أشد الاعتذار لتأخري عن الرد والمناقشة .. في الموضوع الذي طرحته مسبقاً، بسبب بعض الظروف التي مررت بها بعد […]

  10. […] وعد الشدي في موضوع سابق عن الأبحاث العلمية .. وكيف ومتى نكون محايدين فيها .. بمعنى اننا نجردها من أفكارنا وتوجهاتنا الدينية […]

  11. يقول دغدغني:

    “””أرضية كروية الأرض بالرغم من السنوات الطوال والتي سعى الإنسان ليثبت كرويتها أتى القرآن بدليل قطعي وشرعي وأثبت ذلك!”””…..الأمر مذكور في ثورات و المسيحية و عند الآشوريين………لكن للأسف الكثير من المسلمين إما لا يقبلون حقيقة ذكر مسبق أو يجهل الأمر….شكرا

  12. لإكمال الموضوع والرد … من هنا
    http://www.w-dd.net/wp/?p=882