أسعى للكمال دائمًا، لكنه يعطل أعمالي ويتعب نفسيتي، كيف أقلل من هذا السعي؟

سلامٌ عليكم،

وصلني هذا التساؤل، وقرأته كثيرًا لأنه يحتمل إجابات مختلفة، وقد لا توافقوني في الإجابة، لذلك أقرأوا رأيي ومن ثم شاركوني تجربتكم ورأيكم.. (أحاول تذكيرك في كل مرة وأنت تقرأ لي، أن الإجابة هي رأيي الشخصي بعد عدة محاولات وتجارب).

السعي للكمال قد يكون في أصل الشخصية وتركيبتها وقد تكون مجموعة تراكمات على مدى السنوات.. ربما تحول الأمر لديك إلى رضا ذاتي وأن العمل لا يمكن يكون ممتاز إلا بمعايير محددة سبق أن حددتها أنت وربما لا يراه غيرك!

أجد أن هذا الأمر شيء جيد بصراحة.. وبالعكس هو ممتاز للنتيجة والمنتج النهائي، لكنه أصبح يؤثر عليك بشكل مزعج من نواحي أخرى، سواء جسدي، أو نفسي، أو حتى في إدارة الوقت على المدى البعيد، وأحيانًا يؤثر على الإنتاج لأنه قد لا يظهر أو لا يسلم لأنه لم يصل لمعاييرك المعتادة.

 كبداية.. بسم الله..

اعتراف

اعترافك هو الخطوة الاولى.. يعني أنت تعلمين أن هذا الأمر أتعبك.. وتعرفين سلوكك.. والسلوك شيء قابل للتغيير حتى لو بعد ٢٠ سنة.. ففي البداية اكتبي عن سلوكك وعن ما أزعجك به، حددي وصنفي نوعية الازعاج، وحددي ما الذي ترغبين: تخفيفه، الاستمرار به، التوقف عنه.. وتأكدي أن السلوك يتغير إذا خططت ونفذت ذلك وهيأت لنفسك وجاهدتها.. ففي محاولاتي المستمرة لتغيير سلوكي بعضها استغرق ستة أشهر، وبعضها سنة، وبعضها في شهر واحد استطعت التحكم في بعض السلوك.. حتى تغيير سلوك شخص آخر كأخ، أخت، زوج، زوجة، أم، أب، طفل.. قد تستغرق وقت أطول بحسب علاقتك به وأيضًا خطتك معه سواء علم أو لم لم يعلم. إذن السعي للكمال هو سلوك قابل للتغيير بشكل تدريجي.

نية

اجعلي لك نية حتى ترفع من مستوى الاجر المضاعف في الكامل، وتحقيقًا للإتقان في قول الرسول صل الله عليه وسلم: (إنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ)، وإعطاء قيمة عالية لهذا الجهد حتى يكون فيه بركة.. وأنك ترغبين في الوصول لحب الله سبحانه. وأنت الأفضل فعلًا..

تمكين

تعلمي فكرة التمكين، أي إعطاء فرصة للآخرين بتنفيذ المهمة وفقًا لطرقهم الشخصية أو تحت إشرافك وتدريبك.. الامر ليس سهلاً بالتأكيد، وستسهلكين وقت في كل مرة وفي كل فعل جديد، لكن نبدأ خطوة خطوة.. شيء بسيط في كل مرة.. قبل التمكين يجب أن تثقي أنه لن ينفذها كما تريدين، وتأكدي أنه سيقوم بها بشكل خطأ وأنك ستقبلين هذا الخطأ.. ودعيني أقول لك: (فعليًا هو ليس خطأ، هو فقط ليس بمعاييرك). التدريب متعب لكنك بعد وقت محدد ترتاحين وتجدين من يقوم بما تريدين بحسب شروطك.

عادة

مثلاً: أنت لا تستطيعين أن تثقي بطفلك أو أختك في تحقيق الفعل المطلوب لأن معاييركم مختلفة وهي لا تصل لمعاييرك.. ابدأي تعويد نفسك على أن تطلبين منهم القيام بأمور بسيطة جدًا، ومن ثم تتعودين أنت على رد فعل جديد كالتالي:

  • اصبري على إنجازهم.
  • انتظارهم ينتهون.
  • لا تعدلي بعدهم.
  • افرحي بالمنجز النهائي ولو لم يناسبك.

أفعال صغيرة لا تستحق، ومع الوقت اجعليها أكبر حتى تتعود نفسك أن تتجاوز الخطأ أو قلة الاتقان في عملهم.

توقيت

حددي وقت لكل مهمة.. (من المهمات الصغيرة البسيطة) مثل شيء بالبيت أو شيء مع الاولاد، واذا انتهى الوقت ليس علينا إكمالها، تذكر أنه شي بسيط وسخيف.. يعني let it go فقط هذه المرة، سيتعود مخك أن الامور البسيطة بالإمكان أن تنفذ بطرق مختلفة حتى لو لم تكتمل الآن.

متميزة جدًا

أنت شخص ذكي ومبدع وعلى ثقة أن شغلك سينجز حتى لو بوقت أقل، العادي عندك هو متميز عند الآخرين، خبرتك ومهارتك تعدت مراحل مختلفة. ثقي بهذا الأمر.. أنا واثقة أكثر مما تتخيلين.. أتحداك في إنجاز مهمة في نصف ساعة فقط! وأثق أنها تكون مهمة متكاملة.. إذن ثقي بقدراتك ولا تقللي من قيمة نفسك.. لا تحتاجين كل اليوم من أجل مهمة واحدة. 

استغلال؟

قد يستغلك الآخرين لهذا النوع من المهارة، لأننا نعرف جميعًا أنك منجزة، ولو قارنتي نفسك في عملك بالاخرين ستجدين أن الاختيار يقع عليك في المهمات لأنك تنجزين أفضل. ربما يعجبك ذلك وتسعين إليه إذا كان لها مقابل يرضيك من ناحية مادية أو ترقية، أو شيء آخر. لكن لو كان غيرك يعمل عدد ساعات ومهام وأقل ويحصل على نفس القيمة المادية مثلا.. فاسألي نفسك: هل أنا أريد أن أكون الاختيار رقم واحد في أي مهمة جديدة في العمل؟ هل عملي هو محور حياتي؟ هل لا يوجد في حياتي إلا هذا المكان أو هذه المهمات؟

تبرير

اقنعي نفسك (حتى لو بكذبة) مبررات لشيء لم يكن تنفيذه جيدًا.. قد تكونين من الأشخاص الذي أود أن أقول لهم استخدمي شماعة الأعذار: وقت غير كافي، ازدحام مهام، خامة لم تكن جيدة، وجود أشخاص آخرين، تغيب عضو في الفريق، طفلك/زوجك أشغلك، تعب ومزاج غير جيد.. أي تبرير مناسب لذلك. وتأكدي أنك قمت بما هو مطلوب منك بصورة جيدة.. والنتيجة لم تناسبك فاخترعي مبررات مقنعة فالحمدلله هذا النتيجة يجب أن تكون مرضية.. 

جيد/ممتاز

(جيد مريح أفضل من ممتاز متعب): وهذه الفكرة التي تساعد في ”تعديل“ المعايير الخاصة بك.. كيف أقوم بالمهمة بشكل جيد وللحد المناسب بدون أن أتعب وأستهلك طاقة ووقت عالي؟ كيف تغيرين الإدراك الشخصي لك لمفهوم أن هذا العمل ممتاز قابل للنشر أو المشاركة او التسليم النهائي أو الرضا؟ 

هي فكرة (تغيير الادراك حول مفهوم الكمال)!

معايير شخصية

ضعي معايير جديدة كاملة لصحتك/نفسيتك/حياتك، عامليها كما تعاملين أي إنجاز لك. أمشي ١٠آلاف خطوة يومية.. يجب أن أستمتع بهوايتي ٤٥د كل يوم.. الغداء الجيد يعني وجود منتجات خضراء به،، أغمض عيني ١٠ د في اليوم للراحة، الاستحمام يكون ثلث ساعة بماء فاتر ..وهكذا..أي استخدمي شخصيتك التي تسعى للكمال في العمل المجهد بشيء له علاقة بصحتك نفسية وجسدية. ومن المفترض أن “تزعلي” على نفسك إذا لم يكن للكمال الشخصي ميزان في يومك.. (لا عمل يوم الجمعة، لا رد على الهاتف و الإيميل بعد الساعة ١١، إلا في أوقات نادرة وفي وقت العمل المهم).

أولوية

اعطي صحتك ونفسيتك الأولوية، وهذه كلمات سهلة وقد تكون نوع من أنواع التنظير، لكن فعلا التنفيذ ايضا ليس صعبًا.. قد تصل للجدال بينك وبين نفسك: نفسيتي لن ترتاح إذا العمل ليس كاملاً.. لأني لم أبذل الجهد الكامل.. ووقتي كله ينتهي من أجل تحقيق الإنجاز. قومي بالموازنة: (الكمال لنفسيتك وصحتك وابذلي وقت يتساوى مع وقت عملك ولكن في الاهتمام بالتفاصيل الخاصة بك مثل الاكل، النوم، الرياضة، الهدوء، والقراءة، والهواية)، حتى ينتهي وقتك ولا يتبقى إلا وقت للعمل اليومي الذي كان يستهلك طاقتك. أي زاحمي وقتك بالشيء الجديد حتى ينتهي الوقت له. ثلث العمل، ثلث النوم، ثلث الحياة.

تقنين

حددي معايير رئيسية فقط وألتزمي بها في يومك، وحاولي تتجاهلين البقية منها.. يعني خلال الايام القادمة مثلا: أحافظ فقط على: ١-،،، ٢- ،،،، ٣- ،،، فقط.. أي شي غير مكتوب يعني بالإمكان تجاهله. وكل يوم غيري المعايير الرئيسية أو احذفيها والتزمي بغيرها. (سددوا وقاربوا).

لا

مهارة كلمة (لا) تستغرق وقت لفهمها ولاستخدامها، والمهم أن تقال بلا تبرير – إلا إذا كان مطلوب –  مرة رفضت أمور كثيرة وانسحبت منها بالرغم من أنها إضافة لي ولعملي ولتقدمي لأسباب مختلفة في كل مرة ولا أرغب في وضعه. لأني أريد وضع كلمة لا بلا تبرير لا نحتاج إثبات شيء لأي أحد، التميز، (السناعة)، (النجاح)، معاييرنا في النجاح يجب أن تكون خاصة بنا، وليست كما يراها الآخرين ويحددونها لنا.. إذا طلب منك مهمة أو عمل لا ترغبين به، يكفي أن تقولي لا أستطيع شكرًا لكم.. 

تحدي العفوية

جربي تحدي العفوية.. (شيء اخترعته معك الان) وهو قيامك بمهمة بشكل عفوي لمدة ٣٠ يوم.. وهذه المهمة تستغرق ساعة أو أقل، في اليوم..مثلا كتابة مقالة ونشرها.. رسم رسمة ونشرها.. أي شيء من مهاراتك وهوايتك.. وثم شاركيها مع الناس بنفس اليوم مثل  ما هي.. بدون تعليق مثلا.. 

حددي معيار أو اثنين للكمال بالنسبة لك، ،من ثم حاولي تجاهل: (كان ودي أو كنت أتمنى أن عندي وقت أكثر لتعديلها، لتكون أفضل).. باب تعويد النفس على القيام بفعل ونشره للناس دون أن يكتمل.. انستقرام/سناب تشات منصة جيدة للنشر الفوري لمدة ٢٤ ساعة.

نشر

كمالك وتميزك يشترى، ويستفاد منه..والاهم بالنسبة لي..كيف نستغل الاهتمام بشكل إيجابي:

  • دربي آخرين، صممي برنامج تدريبي لتحقيق أسالبيك الكاملة سواء بقيمة مالية أو لمساعدتك، البرنامج التدريبي للكمال في: (… واكتبي ما تريدين).
  • انشري طرقك في الكمال.. سواء تلميحات tip أو حتى درس كامل على اليوتيوب، وفي الشبكات الاجتماعية، نتابع الكثير من الأشخاص لأسباب متعددة، وقد تكونين سبب في تعميم مهارات لم تكن معروفة.

في الختام، انظري للموضوع بثلاث اتجاهات:

  • الاول: أن صحتك النفسية والجسدية تأتي بالمقدمة فكيف أصل لمرحلة الكامل فيها؟
  • الثاني: لديك مهارات كثيرة تستسحق الاهتمام والان وقتها المناسب، فاجعلي لها وقتًا جديدًا من وقت المهام الأخرى ذات التفاصيل المجهدة.
  • الثالث: لا تقللي اهتمامك وسعيك للكمال، لكن تتصرفي بذكاء لتحقيق ذلك..work smart not hard.
التعليقات على أسعى للكمال دائمًا، لكنه يعطل أعمالي ويتعب نفسيتي، كيف أقلل من هذا السعي؟ مغلقة | الزيارات: | التاريخ: 2020/08/31

التعليقات مغلقة.