السلام عليكم،

بعد غالب الأفعال التي تحدث في الحياة حولنا، ينقسم الناس إلى إما موافقين، وإما مستهجنين، أو الرافضين، أو الصامتين، وبالطبع فئة الساخرين! والتي قد تضم الموافق والرافض والصامت. وتبدأ الفئات في إطلاق الجمل والكلمات والتعليقات والصور، أو الضحكات المستهترة لما حدث.

tumblr_kzaksjmY591qzmsf6o1_500


لست ضد السخرية بمطلق العموم – وإن كنت لا أستسيغها – فأن تسخر من شخص ما لا يعني أنك لا تقع في ذات الموقف، وأن تسخر من شخص لا يعني أنك أفضل منه، أو حتى أنني أجيد ما لا يجيد.

نحن نكون على يقين أننا لن نقع أو لن نخسر ما نحن عليه، ونعتقد في قرارة أنفسنا أن ما نملكه لا يمكن أن يتغير سواء أكان (علم، مال، شكل، منصب، أصدقاء، … حياة)!

حين تقرأ أن شخص ما مشهور أو دكتور عالم أو حتى طالب متفوق، أو فتاة مبدعة بطريقة ما، وتم اكتشاف أنه سرق مال المؤسسة التي يعمل بها بتكتيك حرامي مدروس، أو سرق شهادته وكانت مزورة لواسطة مثلاً. أو ساعدها أحد ما في تصميمها ورسمها دون أن يعلم أحد.

نرد عليهم بألستنا: “أوه.. إذن من السهل أن أفعل كما فعل فلان وألوذ بجلدي دون أن يكتشفني أحد”، أو حين نقول: “بشتغل في مكانه وبسرق على كيفي أو بغش وأجيب شهادة تخليني أشتغل في مكانه”. وكل ذلك من باب الاستهزاء أو من باب أننا كلنا نستطيع فعل فعلته دون أن يصيبنا مكروه، أو لن يعرف عن ذلك أحد وسنكسب مالاً أو سمعة أو شهرة أو درجة نهائية عالية مثل هذا وذاك! أو حتى بنظرة أخرى أن الوضع سهل جداً ولكن أخلاقياتنا تمنعنا عن ذلك ومع ذلك نشير بالسخرية لثقتنا أننا لن نفعل!

ربما لفظ “كيف مرتاحين مع عقولهم؟” أو “وش هالعقليات؟” كلمات أصبحت وسيلة النقد الوحيدة أيضًا. وكل ما أفكر به حين اقرأ ذلك: (حتماً هناك من سيقولها عنك وتمامًا باللفظ نفسه..!)  فالاختلاف سمة من سمات الخلق!

منا من يقول: “شلون هاللي سرقوا ما يخافون من الله؟” وتأتي المشكلة وتدور علينا وسرعان ما نفعل كما فعلوا.. ليس ذلك فحسب بل نعتقد اننا لن نتغير في علاقتنا مع الله ونظن أن أخلاقنا الجيدة لن تتبدل.. ونكون كمن قال (مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا)! الكهف 35.

لا يوجد ضمان!
نعم، لا تعتقد أننا نستطيع الحفاظ على أخلاقنا وديننا بسهولة. وعلى ما نملكه أو نظن أننا نملكه! كما أن السخرية بإطلاق الكلمات، توقعنا في مكان سحيق كما قال صلى الله عليه وسلم (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)

إن حلول المصائب والفتن لغيرنا، قد تحصل لنا أيضاً. فكلها أمور تدور وتدور ويصيب الله بها من يشاء. والأمر الذي نعتقده أن حصول المصائب لنا يعني أنها ابتلاء فقط! ونقرر أنها كذلك لحسن ظننا بأنفسنا..

* “لا يمكن القطع بأمر مفاتيح غيبه عند الله عز وجل، فإن أنعم الله عليك، أنت لا تعلم إن كان رضا من الله عليك أم هو مكر الله باستدراج العبد بالنعم. (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) الأنعام 44. وإن نزلت بك مصيبة لن تقطع أمرك حيالها إن كانت ابتلاء ام عقوبة.

الله أعلم!
نحن لا نعلم ما بذات صدور الآخرين من البشر، فكيف نعلم مقاصد الله تعالى فينا، فلا نملك إلا الظن بأنها الاثنتين عقوبة وابتلاء، فنستغفر الله عن المعاصي ونستعين بالصبر على البلاء.

بل هي فتنة..
نعم الله على العبد فتنة أي اختبار، يختبره فيما أنعم عليه أيطيع أم يعصي (
فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علمً بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون) الزمر 49. والفتنة هنا تتضح بظنون وأهام العبد أن البلاء والمصائب زالت عنه بعمله (ولئن أذقناه رحمةً منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى).

ظن الإنسان المتحول ليقين، غالبًا يكون في نفسه وليس في الله، وذلك حين يشعر أنه يستحق نعمة الله لقوته أو قدرته أو عمله.
واليقين بالنفس لا يتفق مع ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن من التبرؤ من الحول والقوة بقولنا (لا حول ولا قوة إلا بالله)”.

*الجزء المقتبس من كتاب: لولا دعاؤكم

التعليقات: 8 | الزيارات: | التاريخ: 2010/08/27

8 من التعليقات

  1. يقول متطوعة:

    بورك قلمك .. جزئية مهمة جدا

    للأسف الكملة القاتلة استسهلنا كشرب الماء ..

    # نحن لا نعلم ما بذات صدور الآخرين من البشر، فكيف نعلم مقاصد الله تعالى فينا،

    فلا نملك إلا الظن بأنها الاثنتين عقوبة وابتلاء، فنستغفر الله عن المعاصي ونستعين

    بالصبر على البلاء# ..

    اللهم اللهمنا الصبر عند البلاء .. واغفر لنا سيئاتنا ولاتأخذنا بسوء اعمالنا.

    شكرا لكِ أختي وعد (F)

  2. يقول منى:

    جزيتِ خيراً … فعلاً الأولى أن يحمد الإنسان ربه على أن حفظه من الابتلاء الذي وقع فيه غيره..

    بارك الله فيكِ وجعل ما كتبتِ في ميزان حسناتك ان شاءالله 🙂

    لدي ملاحظة صغيرة جدا وهي عند كتابتك للآية 44 من سورة الأنعام سقطت منك ال”ا” من كلمة “فلما” بدون قصد ارجو تصحيحها جزاكِ الله خير … 🙂

  3. يقول مختلف:

    يزاج الله ألف خير ..

    الكلمة القاتلة .. لربما كان الاستهزاء والسخرية سبباً في الابتلاء

    فكما يقال ” لا تعيّب على أخيك، فيعافيه الله ويبتليك”

    وفعلا الأيام والأحوال تدور تمر بالأنسان ..بين خير وشر، نقمة ونعمة ، مرض وصحة

    وكلها فتن ! يمتحن فيها الانسان هل يصبر ؟! .. وهل يشكر ؟!

    وعن تلك الفتن .. تذكرت قول الله تعالى ..

    “أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”

  4. يقول ممدوح:

    احسنت جزيت خير

  5. يقول نوفه:

    اللهم ثبتنا يارب

    تدوينة مهمة للغاية

    شكرًا لك

  6. شكراً
    لمدونون مسلمون
    الذي أوصلني لهذه الواحة الغناء

    ماشاء الله
    سأتابع باهتمام

    دمت بود
    أخوك

  7. متطوعة، مختلف، ممدوح، نوفة، عبدالوهاب..
    اهلا بكم

    منى\ أشكرك على ملاحظتك وتم تعديلها فور قراءتي لتعليقك 🙂
    جزاك الله خير

  8. يقول حنان:

    الكلمة يمكن لها أن تقتل كما يمكنها أن تحيي لدى فلنراقب جيدا سهام كلماتنا كي لا نفقد أحد الناس ال>ين لا نعرف هل ستعوضنا الأيام بأحسن منهم أم العكس