التفكير التصميمي وهياكل التنفيذ

تنحدر إطارات لانهائية للعمل تحت مظلة التفكير التصميمي، وقد يلتبس البعض العلاقة بين تلك الأطر العملية والتفكير التصميمي. في هذه المقالة سأحاول سرد بعض الأطر العملية التنفيذية والتفريق بينها وبين التفكير التصميمي.

كما ذكر في المقالات السابقة، يختلف مفهوم العمل على الفكر التصميمي عن عملية التصميم التقليدية حيث يقوم المصمم بالأخرى لبس قبعة الباحث لمدة أطول من المدة التي يقضيها في البحث أثناء عملية التصميم التقليدية. ومن أبرز صفات المرور بالتفكير التصميمي جهل المصمم للحل الذي سيصممه بعد قضاء مدة من سير العمل. لذا، يعد جهل المصمم أمراً أساسياً يجنّبه استخدام أطر مصممة لمجالات مخصصة بالتصميم -قبل الشروع بالعمل على الفكرة- مثل: (قابلية الاستخدام للمنتجات الرقمية، كفاءة الإضاءة الطبيعية في البيئة المشيّدة، قياس أثر الحملات التوعوية على الشبكات الاجتماعية).

رسم توضيحي من تحليل الكاتبة يوضح العلاقات بين هياكل العمل المذكورة

لننتقل نحو المثال الكاريكاتوري، لو تخيلنا ان التفكير التصميمي هو “الطبخ” فإن أطر العمل المتوفرة على منصات الكثير من المنظمات سواء (قوقل، آيديو … وغيرها) هي بمثابة الوصفات فقد تكون وصفة قوقل هي عجة البيض، ووصفات آيديو بمثابة السلطات وهكذا. العديد من هذه الوصفات صنعت لتسهيل عملية قياس الكفاءة للمستجدين على مبدأ التفكير التصميمي. وهنا بعض الوصفات التي تخدم مراحل متأخرة من مراحل التفكير التصميمي، بالأخص بعد صنع النموذج الأولي. ومن أمثلة الأطر العملية:

شخصياً، أرى وجود هذه الأطر يساعد المصممين على سرعة الإدارة والتنفيذ بعد تشرّبهم ثقافة التصميم المتمحور حول الإنسان، وبالأخص بعد تقديم نموذج العمل الخاص بتقديم المشروع = Business Model Canvas

لذا إن كنت رئيس في منظمة أو منشأة صغيرة تجنب طرح الأطر والهياكل المذكورة آنفاً قبل صناعة نموذج العمل. شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

مقدمة في التفكير التصميمي

يعد التفكير التصميمي عملية، أسلوب فكري ومدخل لحل المشكلات المعقّدة ويسمى أيضاً بالتصميم المتمحور حول الإنسان. ويعرف أيضاً بالتصميم المتمحور حول الإنسان كونه مدخل إبداعي لحل المشاكل، وهو عملية تبدأ بالفئة المراد التصميم لها وتنتهي بحلول جديدة مفصّلة لحاجاتهم. ويتمركز التصميم المتمحور حول الإنسان على بناء التعاطف العميق بين المستخدم الأساسي لـ؛ تعدادية الأفكار، بناء نماذج أولية، مشاركة ما تم تصميمه مع الفئة المنتقاة وأخيراً نشر الحلول المبتكرة مع العالم.

يعتمد التفكير التصميمي على التعاطف وصنع العلاقة مابين الباحث/المصمم والفئة المستخدمة حيث تبدأ العملية بالمقابلة الشخصية التي تتمركز على استخراج معلومات أكبر قدر الإمكان. وهي بالضبط المقابلات الاثنوغرافية التي استخدمها الرحالة للتعرف على ثقافة ما. وتعتبر المقابلات الاثنوغرافية أداة للبحث عن معلومات ذات الجودة والتي تشمل أوصاف للناس، الأماكن، اللغات، الأحداث والمنتجات. وتجمع المعلومات عن طريق الملاحظة والترصد، المقابلات، الانصات والاندماج بفكر حيادي وغير محرّف. وهناك تمارين متعددة للتدرب على كيفية صياغة الأسئلة سأكتب عنها لاحقاً بإذن الله.

يلي المقابلات استعراض التسجيل وتصميم النشاط السلوكي لاستخراج دليل ملموس عن رغبة الفئة المنتقاة بشيء محدد كأن يشكو العميل من تجربة السباحة، فيصمم الباحث تجربة فريدة لتوثيق عملية السباحة كاملة من أجل معرفة العلة.

يعقب ذلك مرحلة تحليل المعلومات حيث أعتمد على الخطوات التالية لدراستها، ابدأ المقابلات بوضع سماعة أذن وتسجيل كل ما يقال على مستند رقمي وان كانت المقابلة في موقع العمل لا أفوت إلتقاط عدة صور من أجل التوثيق. ثم بعد البحث الثانوي، اقوم بقراءة المقابلات التي تمت كتابتها وتصنيف المعلومات كالآتي:حاجة / اقتراح / معلومة عامة / معلومة متكررة / نقطة مثيرة للاهتمام.

تذكّر.. هذه العملية ليست خطية، فيمكنك تحليل المعلومات وإيجاد النتائج لتصميم النشاط السلوكي او العكس

بعدها ابدأ بصنع الخارطة الذهنية لتحليل المعلومات ويعقب ذلك تصميم خارطة رحلة المستخدم توضح خارطة المستخدم منظور منظم بصورة بصرية لرحلة تجربته. حيث تقوم بسرد قصة تجربة المستخدم بالتفصيل من البداية وحتى الوصول للغاية. تقسم أحداثها بالترتيب الزمني وتشمل النتائج التي استخلصت من الخطوات السابقة (المقابلات، تحليل المعلومات، والنشاط السلوكي..)، وتشمل:

  • الغاية والأهداف.
  • حاجات المستخدم.
  • مقتبسات من المقابلات.
  • رسومات استدلالية لتعبر عن العواطف.
  • تحديات ومشاكل في الرحلة.
  • الأفكار

يلي ذلك ٣ مراحل (إيجاد الأفكار + صنع النماذج الأولية + اختبار الحل وقياس الكفاءة). هناك عدة كتب تحدثت عن التفكير التصميمي أحدهم متخصص بتصميم الخدمات وقام بطرح المنهجية بشكل شامل والآخر إثراء معرفي وقراءة خفيفة ماتعة.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

فروع التعاطف

يُعرّف الحذر بالتيقّظ والاستعداد وهو أساس التعاطف والقدرة على بناء العلاقات الاجتماعية حيث يشغل ثلثي الذكاء العاطفي. أما الثلث الباقي فيتمثل بمعرفة الذات. غالباً ما يتم الحديث عن التعاطف كصفة واحدة وبتقريب الصورة على الشخصيات القيادية التعاطفية تظهر ٣ أفرع من التعاطف:

  • التعاطف الإدراكي: القدرة على فهم منظور المقابل.
  • التعاطف الاستشعاري: القدرة على شعور العاطفة التي يمر بها المقابل.
  • القلق التعاطفي: القدرة على الاحساس بما يريده المقابل منك.
صورة من تصميم الكاتبة تحاول تصوير الاختلاف بين أفرع التعاطف

يغذّي التعاطف الإدراكي طبيعة الفضول لدى القائد فيمكّنه بتعريف وشرح ما يجول بجعبته للفريق. وهذا بحد ذاته أداة أساسية لحزم الأمور وطرحها بوضوح وشفافية مُطلقة بقالب يفهمه الجميع. ولتعلم اكتساب هذه المهارة عليك التفكير بالمشاعر أجمع قبل الشعور بها. ولأنها صفة تنبع من درجة فضول عالية، فهي تجعلك دائم الرغبة بمعرفة شتى المجالات وما يمر به الموظف من مراحل عمل او حتى تسلسل في التفكير (لماذا فكر بهذا العمل، لماذا عمل هذا، ماهي الخطوات الصائبة التي مروا بها وماهي المحاولات التي لم تمكنهم من الوصول للهدف؟). يصحب تسلسلك الفكري وتساؤلك بالمسببات التحكم بالعواطف التي تنتقل لاشعورياً منك لمن حولك باعثاً لهم القدرة على النظر للأمور بزاوية جديدة.

تكمن أهمية التعاطف الاستشعاري في الارشاد، إدارة العملاء وقراءة الديناميكيات بين أعضاء الفريق. ولكنها مشروطة بفهم مشاعرك الشخصية قبل فهمك لمشاعر الآخرين وهو بذلك يعتمد على نوعين من الانتباه أولها الوعي التام بردة فعلك تجاه مشاعر الآخرين والنوع الثاني الانتباه لردة فعل المقابل سواء ملامح وجهه، صوته، ومايشابهها من علامات خارجية عاطفية.

أما القلق التعاطفي فهو يشابه التعاطف الاستشعاري حيث يتيح لك التعرف على مايشعر به الآخرين إضافة لما يريدونه منك. ويتطلب ذلك موازنة بين إشعال الوعي الذاتي وبين استشعارنا لمشاعر من حولنا. فالتطرف بمراعاة واستعطاف الآخرين أمر يسبب معاناة لك وبالمقابل حماية ذاتك عن طريق إماتة الاحساس حتماً سيفقدك التعاطف.

لتوضيح عمل الأفرع الثلاث للتعاطف، تخيل أن صديقاً عزيز -لا قدّر الله- فقد عضو من العائلة. ردة فعلك الأولية ستكون مواساة: شعور بالرحمة او الحزن له. ويتم تعبيرك عن هذا الشعور بحضورك للعزاء. لكن إظهار التعاطف يأخذ جهداً ووقت أكبر. حيث يبدأ من التعاطف الادراكي: تخيل ما يمر به صديقك. من خسر؟ ماهي قوة العلاقة بينه وبين المتوفي؟ بغض النظر عن خسارته وألمه، كيف ستتغير حياته الآن؟

التعاطف الاستشعاري سيساعدك بمشاركة صديقك لمشاعره إضافة لفهم مشاعره التي يمر بها. ويمكن تطبيق ذلك بالوصول لعمق معين في ذاتك يؤهلك من إعادة إحياء شعور مشابه مررت به سابقاً. كخسارة عزيز لديك. وان لم تخسر، تخيل كيف ستشعر لو مررت بذات التجربة.

واخيراً، يحركك القلق التعاطفي للمبادرة. كتقديم وجبة غداء احد أيام العزاء، حتى لا يقلق صديقك بترتيب ذلك. او اقتراحك بتكفل نشر خبر الوفاة وعمل الاتصالات المهمة بالنيابة عنه. قد يكون مصاحبتك له لتجنب الشعور بالوحدة فكرة سديدة. ولو كان يفضل الوحدة، ربما أخذ أطفاله والاعتناء بهم لفترة يعني له الكثير.

في المرة القادمة التي تستصعب رؤية منظور شخص ما، تذكر الآتي:

  • مهما كانت كمية المعرفة لديك، أنت لا لم ولن تملك الصورة الكاملة التي يراها المقابل. كونه يمر بعوامل متعددة تغفل عنها.
  • طريقة تفكيرك وشعورك تجاه موقف محدد يختلف من يوم لآخر، متأثراً بعدة عوامل أحدها مزاجك.
  • عند المرور بقلق عاطفي يكون تصرفك مختلفاً جداً عما تتخيله.

الأخذ بالاعتبار لهذه النقاط يؤثر تصوّرك لمنظور المقابل وبالتالي تعاملك معه. وبما أن كل شخص يمر بتجربة فريدة بالمعاناة، ماهي إلا مسألة وقت للوصول لمرحلة التفهم. ختاماً، يعد التعاطف اليوم مهارة أساسية في العمل والقيادة إضافة للعلاقات الشخصية، جربوا تخصيص وقت معين لتطبيق فروع التعاطف مع الموظفين، زملاء العمل، الأهل أو الأصحاب.

شكراً لوصولكم حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي #30يوم_تدوين ، بامكانكم مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.