التصميم البطيء

يتفرّع التصميم البطيء من الحركة البطيئة والتي بدأت من مبدأ الوجبات البطيئة المعاكسة لمفهوم الوجبات السريعة. وكأي فرع من فروع الحركة البطيئة، يهدف التصميم البطيء لتوعية جودة حياة الفرد، المجتمع و البيئة الطبيعية. ويقدم مدخلاً شاملاً لعملية تضع في عين اعتبارها العوامل المادية والاجتماعية بالإضافة للأثر بعيد/قصير المدى الذي يقدمه المخرج النهائي لها.

وهو شكل فريد ومهم للثورة الإبداعية التي تقدم قيم جديدة في مجال التصميم وتساعد على نقلة المجتمعات نحو الاستدامة. ويجلب التصميم البطيء جودة عالية للبحث التصميمي من خلال جمع الأفكار، الخوض في العمليات وطرح النتائج. حيث تقدم مبادئ التصميم البطيء الستة للمصممين من أجل التحقق، التقييم والتأمل في أفكارهم التصميمية. تشمل العمليات والنتائج باستخدام المعلومات الكمية والنوعية.

منتجات المصممة جوليا لوهمان اليمين وحدة إضاءة مصممة من بطون الخرفان ووحدة إضاءة مصممة من أعشاب بحرية
  • استكشف: عن تجارب في الحياة اليومية، ولاحظ العناصر التي غالباً ما يتم نسيانها أو تناسيها بما في ذلك المواد والعمليات التي يتم التغافل عنها بسهولة بعنصر مخلوق او مصنوع. تقول المصممة جوليا لوهمان”تفيد التأملات في أصل المنتج صنع اختيارات ما تستهلكه بشكل روتيني. فيقدم المصمم تطبيقات لمواد منسية او مقلل من قيمتها”. وبالصورة أعلاه، تطبيقات لمنتجات عملت عليها.
  • امتد: ضع في اعتبارك “التعبيرات” الحقيقية والمحتملة للمصنوعات والبيئات التي تتجاوز وظائفها المدركة وخصائصها البدنية وأعمارها. عملت المصممة مونيكا هويكنز على مبدأ أنسنة المنتجات حيث تتفاعل بشكل حصري مع المستخدم.
  • تبصّر: تحفز نتائج التصميم البطيء من (منتجات، بيئات مشيدة، تجارب) على التأمل او ما اطلق عليه معمل التصميم البطيء “التأمل الاستهلاكي”. لا يتساءل المصممين عن القيم البيئية المتعلقة بمخرجاتهم فحسب، بل عن التجارب الإدراكية والعاطفية التي تقدمها المنتجات للمستخدم. أحد الأمثلة هو تصميم هيجدنز لأطباق سيراميك بيضاء تطلق تصدعات سطحية على مر الزمن أثناء الاستخدام لتشكل أنماط مختلفة من الورود.
  • اندمج: عملية التصميم البطيء تعاونية وذات مصدر مفتوح، بالاعتماد على العمليات المشتركة وشفافية المعلومات التي تمنح التصميم قابلية للتطور في المستقبل. ويعتبر تصميم كرسي الإنسان مثال يجسد مبدأ الاندماج.
  • شارك: يشجع التصميم البطيء المصممين على المشاركة بشكل فعال في العملية التصميمية، عبر تشجيع الأفكار المشتركة والمتبادلة لتعزيز المسؤولية الاجتماعية وتحسين العلاقات بين المجتمعات. هنا تجدون مثال جوديث فان دي بوم بتصميم مقاعد بالتعاون مع حرفيين محليين خلال زيارتها للصين.
  • تطور: يدرك التصميم البطيء ان التجارب الأكثر ثراءاً هي التجارب الناشئة من نضج المنتجات، البيئات المشيدة و الأنظمة خلال الزمن. بالنظر نحو الحاجات والحالات المتوفرة في الزمن المعاصر، يمكننا القول أن التصاميم البطيئة عوامل تغيير “سلوكية”.

ختاماً، اردت لفت النظر لمفهوم البطء فهو غير محصور بالمدة الزمنية أثناء الصناعة او العمل. بالمقابل، يُعرَّف البطء هنا بالحالة الممتدة من الوعي والمسؤولية في الممارسات اليومية نحو إمكانية وجود ثراء معرفي نتيجة التجارب التي مارسها الأفراد / المجتمعات.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

حالة دراسية: تحسين تجربة جمهور ثنائي اللغة

تضاعفت أعداد وفيات الأطفال بسبب الحريق في بالتيمو، الولايات المتحدة حتى بلغت ٤ أضعاف المعدل الوطني بين ٢٠٠٢-٢٠٠٤م. لجأ مركز جون هوبكنز لدراسات الجروح لعمل مركز العناية المتنقل كيرز، وهو بيت تفاعلي يدور حول المدارس، العيادات الطبية، الفعاليات الصحية وغيرها من الأماكن. ملونة ومصممة بشكل حميمي أشبه بالمنزل. يكمن الغرض منه تعليم وتوعية الجمهور عن أساليب السلامة من الحوادث، حيث يعلم الآباء والأمهات كيفية الوقاية من الحروق، التسمم، العثرات، الاختناقات وغيرها من الحوادث.

جذبت الحمله ١٨ ألف زائر خلال ٢٠٠٩، أشار ٩٦٪ منهم باكتساب معرفة جديدة من خلال الجولة. لكن وجد العاملين على الحملة احتياجهم لأساليب تواصل مع الجمهور اللاتيني في المدينة. حيث قاموا بطرح طلب لتعديل التصميم على مركز التصميم العملي في كلية الفنون التابعة لمعهد ماريلاند للوصول لجمهور يتحدث الانجليزية والاسبانية.

قام ٥ من طلاب التصميم الجرافيكي بالبحث عن آلية عمل الحملة عبر مقابلة الزملاء من جون هوبكنز. حيث قاموا بجمع المقتبسات التي شملت:

سنوياً نقوم برعاية أكثر من ١٠٠٠ طفل لا يستحق أن يعاني من جروح الحوادث القابلة للوقاية

واستمر بحث الطلاب فشمل الأحياء التي يسكنها المجتمعات اللاتينية لدراسة كيف يجري الإعلان التوعوي بشأن السلامة من الحوادث باللغتين الانجليزية والاسبانية. أيضاً قاموا بأخذ جولة غير رسمية في مراكز الرعاية المتنقلة الخاصة بالحملة. خلال ٤٥ دقيقة، قاموا بالتجربة الافتراضية داخل هذه المنازل المتنقلة والتعلم عن أماكن الحوادث المحتملة كالتعامل مع المقلاة، رمي الألعاب في الدرج، وتعديل كرسي المرحاض في دورة المياة، بالاضافة لشرح أساليب الوقاية من حوادث مشابهة وانتهت الجولة في غرفة النوم حيث يغطي الدخان لمحاكاة تجربة الحريق. بالإضافة لوسائط المرفقة تذكر الزائرين بما تم تعلمه خلال هذه الجولة.

بعد ذلك، قام الطلاب بتصميم نماذج أولية تحمل سيناريوهات للسلامة في المنزل وتمت تجربتها مع مجموعة مشاركين في البحث يتحدثون اللغتين الانجليزية والاسبانية. أشار المشاركون حاجتهم للتعلم التفاعلي واستخدام الصور والرسومات التحليلية بالمواد العلمية. أيضاً قاموا بتبيان ضرورة توضيح وظيفة الباصات المتنقلة كون الرسومات اللتي تحملها تجعلها غير مفهومة لمن يراها من الخارج. واقر الطلاب على تقنين النصوص المكتوبة للغتين فاشتمل التصميم على ملصق يدعو الجمهور المتردد للدخول وتجربة الباصات المتنقلة بالإضافة لتصميم مطوية يأخذها الزائرون بعد جولتهم في الباص. ولزيادة التفاعل وتحسين تجربة الحملة يقوم الزوار بتخمين أي غرفة تعرض أساليب السلامة وأيها تعرض أساليب الوقاية باستخدام نظام أيقونات حمراء وخضراء حيث تم استخدامه أيضاً بالمطويات التي يتسلمها الزوار بعد الجولة. فيستعرض بيتاً من أربعة طوابق يحوي تنبيهات أمان منزلية مقسمة للأحمر والأخضر — سلامة ووقاية- ومكتوبة باللغتين الانجليزية والاسبانية.

لم يتم تنفيذ المشروع لقصور الدعم المستحق، فمازال ينتظر فريق كيرز مزيداً من الدعم للانتاج ووعد بذلك مسؤول الحملة بأنه سيتم تطبيق وتقييم التصاميم فور استلام الدعم. شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.

العملية الإبداعية

تتفق العمليات التكراريّة أجمع على وجود عدة مراحل مصفوفة في حلقة كونها قابلة للتكرار من جديد.قام هيو دبرلي بدراسة العمليات المتكررة أجمع هادفاً لإيجاد عناصر متحدة تميز هذه العمليات عن غيرها، فلاحظ كل من: الأسلوب العلمي، دورة الجودة، الأنظمة الذاتية، العمليات الطبية، العمليات التصميمية ودورة التفاعل.

حتى وجد أن اجمعها تقوم على ثلاثة مراحل أساسية (لاحظ، فكّر، اصنع). حيث تشمل الملاحظة مراقبة المحتوى المراد دراسته والناس، بصفاء ذهن عالي ومشاركة مفعمة بالحيوية والنشاط، وبانفتاح تام للاستماع والتعلم من ناس / ثقافات مختلفة. تبدأ الملاحظة بفتح حوار مع الآخرين. تبدأ الحديث كأنك عنصر من الخارج يرى ما بالداخل؛ تندمج شيئاً فشيئا؛ ثم تأخذ خطوة للخلف وتفكّر. أين نحن؟ من هنا؟ ماذا يقومون بفعله؟ (ماهو دوري؟) ماهو المهم هنا؟ لماذا؟

ويشمل التفكير الخبرة في الحوارات مع القيم الثابتة للباحث، فهم ما يرغبه الناس وطريقة تطور الثقافة الخاصة بهم وتدخلك برؤية الأنماط المتكررة وببناء الوعي. حيث يبدأ التفكير مع الذات مع الأخذ بعين الاعتبار التجربة والقيم الخاصة بالمفكّر. وتأطير الحالة بحيث يمكن مشاركتها مع الآخرين.

أما الصناعة، فتحتوي على الانخراط بالمحادثات مع الأدوات والمواد، البحث بشكل سريع ومتكرر والاستفادة من الأخطاء السابقة وأخيراً وضع رؤية مستقبلية وجعلها ملموسة وقابلة للشرح. تضم مرحلة الصناعة الحوار مع الذات وباستمرارها تتطور لتشمل الحوار مع الآخرين.

شكراً لوصولك حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي كتابة ٣٠ مقالة خلال ٣٠ يوم، بامكانك مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.